مقدمة

مرت المنطقة العربية بمراحل كثيرة ومتنوعة وخاصة منطقة بلاد الشام التي توالت عليها بعض انواع الا ستعمار منذ عام 1516 بداية الاستعمار العثماني مروراً  بالاستعمار الفرنسي والإنكليزي إلي وقتنا هذه وجود الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة وانا لست بكاتب اوموُرخ لاًسرد هذه الاًحداث التي توالت لاًن  كُتب الكثير عن تاريخ هذه المنطقة وكل ماهنالك اًريد تبيان بعض الاً حداث التي ربما كانت غامضة أوشبه منسية لاًن الاًغلب اهتم بالشمولية وكل إنسان  يذكر الموقف الذي سمع عنه بالاًحاديث والروايات المتكررة وربما بعضها شاهدها وحضرها علي الواقع وإنشاء الله أن نبين الروًية الصحيحة من خلال بعض المذكرات التي مرت وسمعنا بها في التسعين عاماً تقريباً والتي عاصرنا فيها القديم والحديث

 

معارك الشبكي والمقرن الشرقي

علمت السلطات الفرنسية بوجود بعض الثوار في المنطقة الشرقية من  الجبل . وفي شهر تشرين من عام 1926 تحركت حملة بقيادة الكولونيل (لانساك) إلي معقل الثوار قرية الشبكي وتوجهت من نمرة الي أم ضبيب   طربا – أم رواق – العجيلات -  المشنف  - رامي – الشريحي وصولا" إلي قرية الشبكي.

وكانت الحملة وأثناء مسيرها قد اصطدمت في مواقع مع طلائعا الثوار التي كانت قد تعقبت مسيرة الحملة بقيادة المجاهد محمد عز الدين لاقت الحملة الفرنسية مقاومة وتكبدت خسائر كبيرة إلى أن وصلت الي قرية الشبكي. فا صطدمت بمجموعة من الثوار بقيادة زيد الأطرش التي اتخذت من وادي المعي إلي الشرق من القرية مركزاً لها. ومجموعة أخرئ إلي الغرب من القرية من القرية في منطقة تدعى (الحبا) مكانت بقيادة عادل أرسلان والمجموعة التي تعقبت الحملة كما ذكرنا كانت بقيادة محمد عزالدين.

وجرت معركة حامية الوطيس وأسقط فيها الثوار طائرتين واحده في قرية الشريحي وأخرى في قرية اسعنا وعلي أثر ذلك لم يتحرك الجيش الفرنسي من القرية وزاد الضغط علي المواطنين فيها ـ واستمر وجود الفرنسين في القرية لبضع أيام ينتظرون إمداد الطيران لهم من جهة ، ومن جهة أخرى للتأكد من وفاة القائد رشيد طليع  والكشف عن ضريحه وهو أحد القادة الوطنين والذي توفى في قرية الشبكي قبل أيام من وصول الحملة الفرنسية إليها إثر مرض ودفن في القرية وله مواقف وطنية عديدة فقد كان صلة الوصل مابين ثورة الشمال بقيادة إبراهيم هنانو وثورة صالح العلي. وقاد عدة حملات للثوار في  الجبل والبنان وكان قد قدم للثوار قبل وفاته بفترة بسيطة 220 ليرة ذهبية كمساعدة لهم  وفيمابعد تم له بناء صرح في القرية مازال شاهد علي مواقفه الوطنية والثورية حتي اليوم .ومن جراء المناورات التي جرت بين الثواروالجيش الفرنسي وقصف الطيران للقرية ذهب عدة شهداء من أبناء القرية  ومنهم سليم أبوعمار ومن النساء أستشهدهن هدية الجباعي ـ خزعة سعيد ـ رضية حمايل ـ خزمة أبوعمار.ثم تحرك الجيش الفرنسي من قرية الشبكي متجهأ نحو

الجنوب حتي وصل فيه المطاف إلى قرية الرشيدة  وطوال فترة مسيره وقبل وصوله قرية الرشيدة توالت عليه هجمات الثوار حيث كبدته خسائر كبيرة  بالأرواح والعتاد وفي المقابل استشهد العديد من المجاهدين الثوار فمنهم نايف يوسف الجباعي من قرية الشبكي وسليمان الشاعر من بوسان وقاسم شرف الدين سلام وابنه من قرية الشريحي  وهلال أبو زيدان من العجيلات وسالم كمال من سالي وحليم الجردي وهو لبناني الأصل وغيرهم من الشهداء.

وشارك من المجاهدين الثوار وبرز الكثير منهم مثل محمود أبو يحيى

 

 

وجبر شلغين وعيرهم

واستمرت هجمات الثوار علي الجيش الفرنسي طوال ذلك اليوم

حتي وصل إلي منطقة (حبكي) فقضى ليلة فيها ثم توجه جنوبأ

حتى وصل صلخد ومنها إلى السويداء . في الوقت الذي بقى قسمأ من الثوار في قرية الشبكي والمنطقة تفاديأ لأهجوم أخر للقوات الفرنسية 

وتخليدأ لهذه المعركة  قال الشاعر صالح عمار هذه القصيدة:

قصيدة المقرن الشرقي للشاعر صالح عمار

قصيده معركة المقرن الشرقي منقول عن صفحة الفس بوك باسم بنت معروفيه بدمع الخجل بخبي عيوني وجمالي حيالله رباني ـــيصف الشاعر الثورة صالح عمار في ديوانه معارك الثوار الذين بينوا بسالتهم في معركة وقعت بين الثوارالجبل والجيش الفرنسي الذي جهزه الجنرال الفرنسي أندريه لمهاجمة المجاهدين في المقرن الشرقي من جبلنا الغالي 21 أيلول عام 1926, ويخص بالذكر المجاهدين اللبنانيين :
وهذه المعركة من أحد المعارك التي حصلت في الجبل

وكان النصر الكبير للثوار ويذكر شاعرنا أسماء قرى المقرن الشرقي من جبلنا

يا اخواني بالقلب هجاس  أصبحـــت وفكري محتاس
عركة مقرن الشـــــــرقي  أعظم من معــركة رساس

أعــــظم من وقعة ذي قار  واشـــــــــتغل ضرب البتار
ربعي صـــــــلفين الأشوار  بالكون يهدوا الــــــمتراس

المير عادل عقيـــد الشور  ما بيسندها عــــــن طابور
ما هو مستعـــــبد محرور  كسب الشرف والــنوماس

أفرس مـــــن كل الشياب  وأفرس مـــن كل الشباب
وأفرس من عنتر وذيـــــابا    لشـــــيخ ابراهيم العباس
مرحوم الباشا طلــــــــــيع  حالف لـــــفرنسا ما يطيع
ألا يحصل عا جــــــــــــميع  حقوق بلادو ويصفا الكاس

لبنانية وشـــــــكيب وهاب  من حرب فرنسا ما تهاب
عملوا من العسكر مرطاب  تلقا كل عشره بمر كاس

يسلم أســــــــعد بو كمال  واثب كــــــــــفرخ الريبال
و إبن عـــــــــــبدالله كمــال  سالم أفــــــرس الفراس

بالشــــــريحي علق الشـر  تحــــــــاوطوه سباع البر
ذوقـــــــــــــــوهم زوم المر  بسعتا اشــــــتد القواس
بســــــــــعتا اشتد البارود  الغانم عرفــــــــــيقوا يزود
لكـــــــــــــد عليهم محمود  بو يحيى شــــديد الراس

عبد الحليم الجــــــــــرديي  عنتر عبس اسمو عندي
يســــــــلم بو ياغي فندي  بشــــبريتو خض الحواس

بيت الجباعي بيوم الضيق  فرقوا العـــــــسكر تفريق
صاويبـــــــهم ما ظن يفيق  يموت ولا تطلعـلوا انفاس

من بوسان لــــفوا الشعار  الحـــــــــرايب لـــهم كــــار
عيال ســــــالي وابن نصار  حضروا ما عليهم من باس
النشـــــــامى بيت سجاع  شبال وضـــــراغم وسباع
للقـــــــــــلعه ولوها بساع  ولا هكلوا هم الـــعساس
حمد صـــــــــــعب يا ريبال  بايع بســــــــــــوق الدلال
ليث ومن خـــــــلفه شبال  بنانيه كــــــــــلهم فراس

من طليــــــــلين وتل اللوز  ياما كسبوا متـــــــورت لوز
بو زريــــــق فيها دروز فروز  الفرسي الهم عن أساس
قيــــــــــــصما عرين شبال  بالكـــــــــون يربوا الأهوال
الـــــــــــــــهويا فيها أبطال  انهاره طــــلعوا فيها راس

بالحريسي سبـــاع الغابمن   ضرب الــموزر ما تهاب
يمشوا ورا الـــزغبي ذياب  بو هايل شـــــــديد الباس

أهل شـــــــــعف صليفين  مثل فروخ الشـــــــواهين
وأهل بهم صــــــــــــايلين  بالبلطات يشـــــقوا الراس

وأهل المشــــــنف صالوا  الفـــــــــــارس بانت فعالوا
بو فندي عنــــــــــــو قالوا  سد المــــــدفع بالمداس
بيت مقلد وأبو زيــــــــدان  والغــــــــيضه فيها فرسان
معــــــــهم من دقة ألمان   موزر من ثـــــــلاث جناس
لفت بعيـــــــــال أم ارواق  منهم فــــــــــرج للمنضاق
وأشتغل ضــــــرب البراق  وأخباره وصـــــلت مكناس

لفا جمــــــــــــع أبو سلام  جـــــــــادالله بيك المقدام
لكد على الحملي شمام لا عين أم عــــــيون نعاس

من الطيبي فزعون أجواد  عفـــــــــــــيه يا قروم الولاد
والطيب بروحـــــــــو جــاد  كرمــال بلادو يـــــــــا ناس

محمد شــــــــرف ورجالوا  ما هي منــــــكوره فعالوا
عالعســـــــــكر يوما صالوا  الحملي درسـوها دراس

عيال نمــــري وأبو ممدوح  عند الوطــن باعواالــــروح
فارســــــهم نمر المجروح  يلكد عالـــطبجي بالفـاس

نشــــــــامه حرب وناصيف  منهـــــم راح الضد ضعيف
يروو حـــــــــدود المراهيف   منهم واحـــــد نساس
أهل شـــــــــقا وأم ضبيب  يروو حـــــــدود المحاديب
رديهــــــــــــــم ردي الذيب  يعدي لـــــو ضب الدماس
لفا جمع الصــــــــــحناويي  بموزر عــــــطب المهاوي
صويبه مــــــــــــاله مداوي  نقــع دمــه بالمحـــــــاس

بيت العلـــــــي وبيت مراد  أفرس مـــــن عنتر شداد
من ضرب قـــــــــروم الولاد  الضبع عَّيد بالـــــــمحاس

لفوا عيال الســــــــــمانين  مثل فروخ الشــــــياهين
وابو محمد ســــــــــماعين  دايم يلكـــــــدعالمجباس
اخوة شيخـــــا ركب الخيل  بجـــمعا ً يشــبه للسيل
يتلون الشـــــــــيخ الجليل  حمديا فرخ الجــــــــرناس

بيت هلال ومغــــــــــاويش  طريحهم ما ظنــي يعيش
رووا حدود المعــــــــاطيش  بضربا كما لــسع النوداس

يوماً لفوا الزهـــــــــــــــاوين  مثل فـــــروخ الشياهين
يشـــــــقوا قلوب المغليــن  والدخـــن مثل الحنداس
أهل الرحـــــــا الكل حضور  يـــــــــنهدوا مـثل الصقور
يســـــــقوا العدا كاس مرور  نعمين من ابــــن بوراس

رتبنـــــــــــــــــــاها عالفوره  وبــجت نبعه مــــحصوره
اليصـــــــــــمد لتالي الثوره  ينزل اســمو برق نحاس
وسلامتكم

 

 

معلومات موثقة في مذكرات المجاهد متعب الجباعي:

 تحت عنوان معارك الشبكي والمقرن الشرقي

 

من مآثر النضال ضد الاستعمار الفرنسي: بقلم : نزار محمد شجاع

 

بمناسبة ذكرى انطلاقة الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش

 

.. وذكرى معركة المزرعة الشهيرة...

 

قرية الرشيدة الصغيرة بحجمها والكبيرة بفعلها الوادعة الشامخة شرقي الجبل في محافظة السويداء والتي تشبه كل قرى وطني سورية بصمودها وبطولة رجالها ونسائها وطيبتهم وحبهم للوطن والعمل والإنتاج، كان عدد سكانها عام /1925/ ما يقارب /300/ شخص.

 

عدد المقاتلين فيها آنذاك /60/ رجل قادر على حمل السلام وتم تشكيل خلية مقاومة ضد الاحتلال الفرنسي لجأت للبادية بقيادة شاهين شجاع واستمرت المقاومة حتى عام /1938/.

 

شارك في القرية /16/ محارب بقيادة المجاهد رشيد طليع وأقاموا عدة غارات على القوات الفرنسية حتى الاستقلال كي لا تستكين الثورة ومنها تفجير سكة قطار دمشق ــ درعا.

 

كثيرة هي معارك البطولة في جبل العرب والتي تحتاج إلى الكثير لذكرها وسوف اقتصر هنا على معركة قرية الرشيدة ويروى لنا أحد أبنائها الشاعر محمد جادو شجاع ما يلي:

 

«تحرك أندريا بجيشه من شهبا مطلع أيلول عام /1926/ على المقرن الشرقي باتجاه طـّربا رداً على إسقاط الثوار طائرة حربية فرنسية في أيار، واتهم المجاهد هايل سلام بقتل طيارها، وتم تدمير البيوت في قرية طربا ومنها منزل المجاهد جاد الله سلام، ثم تابعت الحملة على قرية ــ غيضة حمايل ــ ثم وقعت معركة الشبكي الشهيرة وتوالت النخوات وأظهر العدو شراسة لا مثيل لها، فكانت القنابل تتساقط على الثوار من كل حدب وصوب، ومع ذلك استبسل الثوار والتحموا مع جناح العدو الأيسر وجعلوه يتقهقر باتجاه وادي الرشيدة.

 

وهناك توج الثوار نصرهم بإسقاط طائرة حربية ثانية، وما زال بقايا المحرك وبذلة الطيار الفرنسي عندي وعند أخوتي، نحن أبناء المجاهد جادو هزاع شجاع

 

وقد شارك في هذه المعركة التي دامت أكثر من خمس ساعات معظم رجالات الثورة السورية الكبرى وحقق هذا الانتصار زيادة عدد الثوار الملتحقين بالثورة وزيادة اشتعال الثورة وانتشارها إلى كل المحافظات، ولولا واسطة بعض الشخصيات لكان الثوار قد أبادوا الحملة كلها، وبعد ساعات رفع الاستعمار راياته البيضاء واستسلم.

 

ويذكر أن هذه الحملة تمت مهاجمتها من الشرق بقيادة سلطان الأطرش القائد العام للثورة السورية الكبرى يرافقه الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، وشكري القوتلي، ونسيب البكري، وعدد من زعماء ومجاهدي دمشق.

 

ومن الغرب هاجم الحملة المجاهد الأمير عادل أرسلان ومعهم المجاهد القائد رشيد طليع وقواته، والمجاهد محمود أبو يحيى والذي استمر بجهاده حتى عام /1948/. وثم استشهد في فلسطين وما يزال ضريحه في أحد مرتفعات فلسطين المحتلة يتم طلاؤه بالكلس من قبل أخوتنا الفلسطينيين تخليداً لجهاده.

 

ومن جهة ثانية، كانت قوات المجاهد محمد عز الدين، وتم ذكر كل هذه التفاصيل في مذكرات الجنرال أندريا والقائد العام للثورة السورية الكبرى سلطان الأطرش.

 

معركة بوزريق

في أوائل عام 1927 تحركت عصابة كبرى من الثوار بقيادة علي الأطرش وآخرون كانت مستقرة في قرية الشبكي وأتجهت نحو بوزريق وأمضت ليلة هناك. فعلم فيها القائد الفرنسي  دزردية وشكل قوة كبيرة من الجيش الفرنسي وانقض ليلآ علي عصابة الثوار المتواجده في بوزريق. وجرت المعركة واستمرت حتى الصباح ،حيث سيطروا الثوار علي الجيش الفرنسي  وكبدوه خسائر في الأرواح والمعدات والخيول وقتل علي أثر ذلك أحد قادة مفارز الجيش الفرنسي اليطنان برهم  الحداد وبالمقابل أستشهد العديد من الثوار فمنهم حمد قرقوط وأثنين من آل منذر و من آل  الجغامي من تل اللوز وحسن سليم الجباعي وآخرون حيث بلغ  العدد عشرون شهيداً مع العديد من المصابين

وفي تلك الموقعة ساعد علي سيطرة الثوار فيها عصابة  الثوار القادمة

من الجهة الغربية في قرية طليلين بقيادة محمود كيوان مما ساعد علي

فتح الطريق أمام الثوار للانسحاب والتقليل من الخسائر، فعادت عصابات  الثوار شمالأ وتابع الجيش الفرنسي مسيره حتى وصل صلخد:

 

 

 

معركة بوزريق

 

في أوائل عام 1927 تحركت عصابة كبرى من الثوار بقيادة علي الأطرش وآخرون كانت مستقرة في قرية الشبكي وأتجهت نحو بوزريق وأمضت ليلة هناك. فعلم فيها القائد الفرنسي  دزردية وشكل قوة كبيرة من الجيش الفرنسي وانقض ليلآ علي عصابة الثوار المتواجده في بوزريق. وجرت المعركة واستمرت حتى الصباح ،حيث سيطروا الثوار علي الجيش الفرنسي  وكبدوه خسائر في الأرواح والمعدات والخيول وقتل علي أثر ذلك أحد قادة مفارز الجيش الفرنسي اليطنان برهم  الحداد وبالمقابل أستشهد العديد من الثوار فمنهم حمد قرقوط وأثنين من آل منذر و من آل  الجغامي من تل اللوز وحسن سليم الجباعي وآخرون حيث بلغ  العدد عشرون شهيداً مع العديد من المصابين

 

وفي تلك الموقعة ساعد علي سيطرة الثوار فيها عصابة  الثوار القادمة

 

من الجهة الغربية في قرية طليلين بقيادة محمود كيوان مما ساعد على

 

فتح الطريق أمام الثوار للانسحاب والتقليل من الخسائر، فعادت عصابات  الثوار شمالأ وتابع الجيش الفرنسي مسيره حتى وصل صلخد:

 

ويقول الشاعرصالح عمار في هذه الموقعة

 

ياللله يلي عالم السر والخفا ............ وعرشك تعلا فوق كل عراش

 

يالله تعز مجاهد الدين والوطن ............ياخالقاً لسهلها واحراتش

 

من عقب ذا ياراكب الهيزعية .............شبه الظبي روس النفل تعتاش

 

وتمد من عندي على الرحب والصفا ...... وتلفي الأزرق قبل ضب دغاش

 

سلم على الباشا وخبر عطوفتو ,,,,,,,,,,,,واحكي الصحيح ولا تكون غشاش

 

كونن جرى ببوزريق ما ينحكا بو ............. والعقل من رزم المدافع طاش

 

جمع علينا جنود بصرى وشهبا ............ بكل المراكز جند ما خلاش

 

وكثرت عسكرهم وثقلت حمولهم ..........والجيش اجانا بالكروم طفاش

 

واحنا قليل عد ستين فارس ..............وزهاب غير صفوف مامعناش

 

هشنا كما هاش الزناتي وعنتر ..........ذياب ابن غان مثلنا ماهاش

 

صمدنا كما تصمد سباع الكواسر ........حاطو بنا وعيا علي ينحاش

 

عشرين جندي من العساكر تذبحوا ......من فعل موزر باللقا ماخطاش

 

وتسعة من الضباط غمقت لحودهم ......وضاقت وصاروا يضربو فتاش

 

وستين رنكة بفرد كرم واحد ...............من فعل ربع البعد ما أداش

 

ومحمود ابن كيوان هو ولابتو ...........فزعوا من طليلين عالرشاش

 

وحس الموازر مثل كفي المخامر...... سمع الرمي من كان بالوشاش

 

لما غدت مثل العصي سلاحنا......... ببطونهم ضرب وبعضهم ماش

 

من عقب ذا قبينا كما قبت القطا .......والدم من سرد السبايا رشاش

 

فقدنا بواسل مثل ابو زيدج بالوغى .......فرسان مثلن بعد ماشفناش

 

حسن سليم من المجيمر فقيدنا .......لو رايتن عندي بياض الشاش

 

وبيشان خمسة من الملاعبية ..........وبذبحة أبو سعيد ما ربحناش

 

وفرسان من ذيبين معنا نهارها ..........باعوا رواح الغاليات بلاش

 

ولو بالمنا صربة ملح يحضرونها .........ويكون حاضر الأسمر الهواش

 

ترى النار ماتحلرق سوا من يدوسها ......ولا الذي بالمعركي مثل الذي عفراش

 

وبهذا تنتهي معركة بوزريق حيت توجه الجيش الفرنسي

 

  واستقر في صلخد وبدات هناك عصابات الثوار بلتحري

 

والتحرك ومنها عصابة للثوار كانت موجودة في قرية قيصما

 

تلقت المؤنة من الثوار الموجودين في الأزرق بقيادة زيد الأطرش

 

وصياح الحمود الأطرش وأصبحوا في الصباح

 

في قيصما لإعانة عصابة الثوار .

 

وظناً من الجيش الفرنسي بقلة وضعف الثوار في قيصما

 

فقرر مهاجمتهم إلا أن المساعدة التي حضرت ليلاً ساعدت على

 

دحر الجيش الفرنسي المؤلف من ثلاث مفارز بأكمله وأسر أحد

 

قادة المفارو وهواليطنان سكر وتم القضاء على مفرزته بالكامل

 

وانتصر الثوار وعادت بقايا الجيش الفرنسي إلى صيخد

 

وبهدا ينتهي شرقيصما في انتصار ساحق للثوار الأبطال

 


(((((هذه الإضافة كتبها أبو إسماعيل الجباعي

بالحريسي سبـــاع الغابمن   ضرب الــموزر ما تهاب
يمشوا ورا الـــزغبي ذياب  بو هايل شـــــــديد الباس

 

عندما نتحدث عن معارك الشبكي والمقرن الشرقي ( في التحديد معركة بوزريق في أوائل عام 1927 وكانت مجموعة الثوار بقيادة المجاهد البطل علي الاطرش)لابد لنا ان نكتب عن قرية الحريسة والمجاهدين الابطال والشهداء الابرار رحمة الله عليهم واسكنهم فسيح جنانه:
من مذكرات المجاهد متعب الجباعي المسموعة معارك الشبكي -ومعركة بوزريق والمقرن الشرقي  وفي تلك الموقعة ساعد الثوار القادمين تحت  بيرق قرية الحريسة علي سيطرة مجموعة الثوار القادمة من الجهة الغربية من قرية طليلين بقيادة المجاهد البطل محمود كيوان مما ساعد علي فتح الطريق والتقليل من الخسائر:

 

شهداء قرية الحريسة خلال مشاركتهم في معارك الشرف والجهاد في الثورة السورية الكبرى بقيادة المجاهد المغفور له بأذن الله البطل القائد سلطان باشا الأطرش: أسماء الشهداء الأبطال  رحمة الله عليهم واسكنهم الله فسيح جنانه::

 

وهم سلمان زين الدين*حسين زين الدين *علي زين الدين*محمد زين الدين*فرحان الشاعر*يوسف الشاعر*إبراهيم القاضي *سليم القاضي*نسيب أبوهرموش*إسماعيل أبوحمزة*علي قرضاب*

 

 

 

وقال الشاعر الثورة صالح عمار:

 

بالحريسي سبـــاع الغابمن   ضرب الــموزر ما تهاب
يمشوا ورا الـــزغبي ذياب  بو هايل شـــــــديد الباس

 

 

 

 

 

 

 

حدثنا المجاهد متعب الجباعي في مذكراته المكتوبة والمسموعة : المذكرات المكتوبةهي ليست مذكرات بالمعنى المتعارف عليه للكلمة،أي أنه لم يكتبها بيده‘وإنما نقلها عن رفاقه المجاهدين الابطال وبمشاهداته متنقلاً من معركة لأخرى من معارك الثورة السورية الكبرى،فغدت مشاهد عاشت في أذهان أبنائه ومستمعيه من كثرة تكرارها وتداولها في مجالس  الغانمين  مضافات الجبل الاشم وهي مدارس الكرم والعزة والشموخ صانعة الاجيال :
1*أيقنت حين أخذوا يسردونها على مسامعي أن التاريخ من صنع الجماعة وليس من صنع الفرد،وأن أي عظيم مهما سمت منزلته لا يستطيع أن يكتب تاريخاً بمفرده.وأن عظمة هؤلاء الذين صنعوا التاريخ حول القادة تكمن في أنهم تنازلوا عن بطولاتهم الفردية طواعية،واندمجوا في الجماعة إلى درجة التماهي.وحين يتحدثون عن بطولاتهم يغيب ضمير المتكلم المفرد "أنا"إلى الأبد،وتبرز أنا الجماعة "نحن"،وربما نتأ ضمير الـ "أنا" فجأة لكنه ليؤكد دور غيره قبل دوره.

 

1*(منقول عن منتدى قرية عرمان)

 

 وكانت الحكمة سبحان الله مرافقة هذا الرجل الامي لا يكتب ولا يقرأ عندما كان شباب البلدة يدونون مذكراته قالوا له نريد ان نكتب تفاصيل عن مجاهدين بعينهم قال لهم لاتكتبوا عن المجاهدين في اسماهم  الاعن الاحداث  اوالوقائع المتصلة بهم مباشرة  جميع مجاهدين  الثورة السورية الكبرى الذين ضحوابكل غال وثمين عندهم من أجل الوطن لننعم نحن في هذه الحرية ونحن اولاد واحفاد هولاء العضماء العمالقة (من الضلم ان نذكر احدهم وننسى اونتناسى الاخر)وهذا ماعمل به مدونون مذكرات المجاهد متعب الجباعي )))))))))

 

 

 

ويقول الشاعرصالح عمار في هذه الموقعة

 

 

 

 

ياللله يلي عالم السر والخفا ............ وعرشك تعلا فوق كل عراش
يالله تعز مجاهد الدين والوطن ............ياخالقاً لسهلها واحراتش
من عقب ذا ياراكب الهيزعية .............شبه الظبي روس النفل تعتاش
وتمد من عندي على الرحب والصفا ...... وتلفي الأزرق قبل ضب دغاش
سلم على الباشا وخبر عطوفتو ,,,,,,,,,,,,واحكي الصحيح ولا تكون غشاش
كونن جرى ببوزريق ما ينحكا بو ............. والعقل من رزم المدافع طاش
جمع علينا جنود بصرى وشهبا ............ بكل المراكز جند ما خلاش
وكثرت عسكرهم وثقلت حمولهم ..........والجيش اجانا بالكروم طفاش
واحنا قليل عد ستين فارس ..............وزهاب غير صفوف مامعناش
هشنا كما هاش الزناتي وعنتر ..........ذياب ابن غان مثلنا ماهاش
صمدنا كما تصمد سباع الكواسر ........حاطو بنا وعيا علي ينحاش
عشرين جندي من العساكر تذبحوا ......من فعل موزر باللقا ماخطاش
وتسعة من الضباط غمقت لحودهم ......وضاقت وصاروا يضربو فتاش
وستين رنكة بفرد كرم واحد ...............من فعل ربع البعد ما أداش
ومحمود ابن كيوان هو ولابتو ...........فزعوا من طليلين عالرشاش
وحس الموازر مثل كفي المخامر...... سمع الرمي من كان بالوشاش
لما غدت مثل العصي سلاحنا......... ببطونهم ضرب وبعضهم ماش
من عقب ذا قبينا كما قبت القطا .......والدم من سرد السبايا رشاش
فقدنا بواسل مثل ابو زيدج بالوغى .......فرسان مثلن بعد ماشفناش
حسن سليم من المجيمر فقيدنا .......لو رايتن عندي بياض الشاش
وبيشان خمسة من الملاعبية ..........وبذبحة أبو سعيد ما ربحناش
وفرسان من ذيبين معنا نهارها ..........باعوا رواح الغاليات بلاش
ولو بالمنا صربة ملح يحضرونها .........ويكون حاضر الأسمر الهواش
ترى النار ماتحلرق سوا من يدوسها ......ولا الذي بالمعركي مثل الذي عفراش

 

 

رشيد طليع القائد العسكري

لمحة صغيرة عن الشخصيات او المواقع وردة في معارك الشبكي والمقرن الشرقي ومنها معركة بوزريق

رشيد طليع القائد العسكري في الثورة السورية الكبرى
من ألمع الإداريين العرب في العهد العثماني ومن أبرز وجوه العهد الاستقلالي
اشتهر بالحزم والعزم وشكّل أوّل وزارة أردنية  (منقول عن نجيب البعيني/ النهار  )


منذ بدأت أقرأ كتب التاريخ بدأ اسم رشيد طليع يتبادر الى الذهن. ويرتسم صورة واضحة في العقل، ويبقى راسخاً في الذاكرة... ذلك ان هذا الرجل كان يرد دائماً، وخصوصاً عندما يُكتب عن "تاريخ الثورة العربية" ورجالاتها ودورها في رسم الطريق الصحيح لنهضة الأمة واستقلالها. فقلت مُكبراً هذا الرجل في نفسي: "من هو رشيد طليع هذا؟ ومن يكون هذا العظيم الذي يذكر اسمه بين رجالات العرب القلائل الذين ناضلوا وجاهدوا جهاد الابطال الصناديد، فترك اثراً عميقاً في النفوس، وذكرى حسنة عطرة في القلوب"؟.

وتمر الايام وتلحق بها الشهور وتنسلخ سنون والصورة في الذاكرة، الى ان قمت بزيارة القاضي المرحوم امين طليع مطلع العام 1983، في منزله الكائن في فردان، فطرحت عليه هذا السؤال:
- هل تعرف شيئاً عن رشيد طليع؟
فابتسم ابتسامة صغيرة، وقال:
- نعم، أعرف طبعاً...
وقام تواً الى مكتبته وتناول منها كتيباً.. ثم دفع به اليّ قائلاً بثقة ومحبة.
- أُهدي اليك هذا الكتاب.. انه يبحث في سيرة رشيد طليع وحياته.
وكان هذا الكتاب بعنوان: "الشهيد رشيد طليع (1876 – 1926)، ملخص من تاريخ حياته"، لمؤلفه امين طليع (بيروت، 1982)، وعندما بدأت وضع كتابي "رجال من بلادي"، الذي صدر عن "دار الريحاني للطباعة، عام 1984، كان رشيد طليع في عداد هؤلاء الرجال الكبار الذين كتبت عنهم، استناداً ورجوعاً الى هذا الكتاب – بالطبع كانت هناك مراجع اخرى – اعود اليها وقت الحاجة. والحق انه كان مرجعي الوحيد المهم عن هذا الرجل الاداري الفذّ. ثم عدت وذكرته في كتابي اللاحق بشكل موسع: "أعلام في الوطنية والجهاد، حقائق عن الثورة السورية الكبرى" ("دار نوفل"، 2002). لاهميته ودوره الفاعل في الحياة السياسية العربية.
وهنا، أطرح اسئلة متكررة ملحة: لماذا يهمل المؤرخون ذكر الابطال الدروز الذين قاموا باعمال باهرة، وكانت لهم الايدي البيضاء في الساحة الثورية العربية، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر: امين ارسلان وعارف النكدي وعادل النكدي وسامي ونصري سليم وفؤاد سليم وسليمان وحليم ابو عز الدين وسعيد زين الدين وعلي ناصر الدين وهاني ابو مصلح وامين ناصر الدين وعبدالله النجار وفؤاد حمزة ونجيب شقير وحسيب ذبيان واديب البعيني وسعيد طليع وحمد صعب وشكيب وهاب ورشيد تقي الدين وطعان العماد وغيرهم ممن لم يكتب عنهم إلا لماماً أو عرضاً؟! فلماذا هذا الاجحاف او النقص وتناسي حق هؤلاء في التأريخ؟
سؤال نطرحه على كتبة التاريخ للوقوف على سبب الاهمال.
ولادته ونشأته
هو رشيد بن علي بن حسن بن ناصيف طليع. ولد عام 1876. في جديدة الشوف في جبل لبنان. تلقى دروسه الابتدائية في مدرسة القرية، ثم انتقل الى "المدرسة الداودية" في عبيه، قضاء عاليه، التي انشأها داود باشا اول متصرف عثماني في جبل لبنان، وتخرج منها عام 1892. وكان من رفاقه في الصف الشيخ ابو يوسف حسين علي مكارم الذي نقل عنه عجاج نويهض في مقال كتبه عنه في مجلة "الاماني" لصاحبها رفيق وهبي، قوله: "ان رشيد طليع كان في المدرسة نقطة البيكار، وكان نسيجاً وحده في الالمعية والذكاء ودماثة الخلق وطيب المعشر". ثم انتقل رشيد الى المكتب الاعدادي في بيروت، فنال شهادة بتفوّق عام 1895. ثم سافر الى الآستانة عام 1900 وعاد الى بيروت، حيث عيّن برتبة مأمور معية لولاية سوريا، وبقي في هذا المنصب الى العام 1901. وفي العام عينه عيّن وكيل قائمقام بعلبك. وفي العام 1902 نقل قائمقاماً اصيلاً للزبداني، ثم نقل الى قائمقامية راشيا عام 1903، ثم عيّن قائم مقاماً لحاصبيا عام 1904، ثم قائم مقاماً في جبل الدروز. وكان مركزه في بلدة عاهرة عام 1907 ثم عين قائم مقاماً في المسميّة عام 1909 الى آذار 1910.
وتقلّب طليع في مناصب رفيعة اخرى. وكان من انضج الاداريين في جبل الدروز وأكثرهم حنكة وعزماً ومتانة اخلاقية ومقدرة قانونية. وقد اكتسب هذا الرجل محبة هؤلاء القوم في الجبل وثقتهم، وأصبح مرجعاً لمعظم الوجهاء والسياسيين يستنيرون برأيه وارشاداته في المجالات المختلفة.
وما ان جاء العام 1914 حتى فُتح باب الترشح لعضوية "مجلس المبعوثان"، فتقدم أحد زعماء الجبل كما تقدم زعيم درزي آخر من خارج الجبل للنيابة عن جبل الدروز. ولكن معركة الترشيح لم تستمر طويلاً، فقد استقر رأي الجميع من الأهالي على اختيار طليع فكان نائبهم في هذا المجلس في الآستانة، فذهب الى الآستانة. وعاد في 16 تموز 1914 متصرفاً على حوران. وعيّن متصرفاً لطرابلس الشام عام 1915. وعيّن متصرفاً للواء اللاذقية في 13 تموز 1916 التي ترك فيها اثراً عميقاً في النفوس نظراً الى حكمته وحنكته، وقد ترك فيها "سيرة حسنة وعدّه بعضهم انه افضل متصرف جاء الى البلاد في العهد العثماني".
وعندما سقطت الدولة العثمانية عام 1917 عاد رشيد طليع الى بلده لبنان ولزم بيته في الجديدة – الشوف لا يتدخل في السياسة حتى لا يثير ضده رجال الانتداب
جهاده ونضاله
دعاه اليه الامير فيصل، من طريق محمد الشريقي الذي كان صديقاً له، عملاً بقرار حزب الاستقلال العربي، فذهب الى الشام حيث اصبح محط الانظار وواحداً من ابرز شخصيات الحزب الذي كان نفوذه كبيراً في ذلك الوقت، فعين مديراً للداخلية في حكومة رضا باشا الركابي الاولى عام 1918.
الّف الأمير فيصل حكومة مديرين باشرافه في 4 آب 1919، وسمّى رضا باشا الركابي نائباً عنه، فكان رشيد طليع وزيراً للداخلية واستمر في هذه الوزارة الى 8 نيسان 1920 حين الّف فيصل الاول حكومة بتاريخ 8 آذار 1920، في حين ان طليع عيّن في ولاية حلب بتاريخ 8 نيسان 1920، على ان تبقى ولاية حلب مرتبطة برئاسة مجلس المديرين مباشرة. وكان وجود طليع في الشمال ضرورياً وكانت تتنازعه أطماع الاتراك والفرنسيين في آن معاً.
وكان رشيد طليع أحد الاركان التي يعتمد عليها الامير فيصل الاول في ترسيخ دعائم الحكم العربي في شمال سوريا.
وعندما سقطت الدولة العربية في سوريا ذهب طليع الى جبل الدروز، وكانت البلاد الاردنية قد خرجت من نصيب الأمير عبدالله بن الحسين الذي حاول ان يستقطب عدداً من رجالات العرب حوله امثال: الأمير عادل ارسلان وشكري القوتلي ونبيه العظمة والحاج امين الحسيني ورشيد عالي الكيلاني ورضا الصلح واحسان الجابري وجميل مردم بك ومحد رشيد رضا واحمد مريود والدكتور مصطفى فخري ورشيد طليع، الذي أصبح فيما بعد رئيساً لحزب الاستقلال العربي. وقد انتسب اليه عدد من رجالات جبل الدروز امثال: محمد باشا عز الدين الحلبي وعلي بك عبيد، وهما ركنا جبل الدروز في ذلك الوقت. وكان رشيد طليع أكثر الشخصيات حظوة عند الامير عبدالله، حيث كلفه تشكيل اول حكومة اردنية، وقد سميت بادئ ذي بدء حكومة المشيرين وكان رشيد طليع رئيسها. وكان أن اصطدمت هذه الحكومة بسبب إخضاع خطاب المندوب السامي لاطلاع الوزارة عليه قبل إلقائه. وشطب المقاطع التي طلب رشيد طليع شطبها. وترك طليع الاردن وذهب الى القدس ثم الى مصر حيث كان هناك الأمير عادل ارسلان وفؤاد سليم وعباس المصفي، الذي كان يومذاك مندوباً عن جريدة "الاهرام" في الاسكندرية.
وعام 1925 اندلعت الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الاطرش، فالتحق رشيد طليع بها وكان أحد المدافعين عنها بقوة كما كان احد قادتها المناضلين.
وفي العام 1926 عقد المؤتمر الوطني في قرية شقا وأُنشئ مجلس وطني درزي يمثل المناطق كلها، وكان رئيسه الشيخ يوسف الهجري وأُوكلت ادارته الفعلية الى طليع الذي كان اميناً للسر. الا ان الاجل وافى هذا الرجل في شهر ايلول 1926، فنعاه سلطان باشا الاطرش: "كأحد المجاهدين والبطل المقدام الاداري الحكيم رشيد طليع ببلدة الشبكي بجبل الدروز إثر مرض معوي بصورة مفاجئة. فكانت وفاته خسارة ركن من اركان الثورة ورجل من خيرة رجالات العرب الافذاذ".
وهكذا توفي احد زعماء العرب المناضلين وأحد رجالات الحكومة العربية وأحد قادة الثورة السورية الكبرى (1925-1927).
وكانت دموع أمير البيان الامير شكيب ارسلان على كبير المجاهدين غزيرة.. فقد جاء في جريدة "الشورى" لصاحبها محمد علي الطاهر (عدد 14 تشرين الاول 1926) كلمة ورد فيها: "إن الشهيد الرشيد منذ ثار الوطن السوري لنيل حريته ودفع العدو الغاصب عن ذماره، هبّ في مقدمة الامة وجعل هجيراه خدمة الثورة ليلاً ونهاراً. ولما اشفق ان يفت في عضد الثورة في الجبل ذهب الى هناك بنفسه لشد أزر القائد العام سلطان باشا الاطرش ولقي من الاهوال وباشر من المصاعب في مكافحة الفرنسيس العسكرية والمالية ودسائسهم السياسية ومكايدهم الخفية ما لا يعلمه الا الله تعالى، ولا شك انه كان يواصل النهار بالليل في الجهاد والتدبير واحباط الدسائس واثارة عزائم المجاهدين وسد الفتوق ورسم الجبهات كلها ومؤاساة المصابين من الثوار وتقوية قلوبهم ولمّ شملهم".
سمي شارع في بيروت باسمه، وأحيا ذكراه المؤرخ والمناضل العربي عجاج نويهض، بسلسلة مقالات عن مآثره واعماله نشرتها جريدة "نهضة العرب" في ديترويت في الولايات المتحدة الاميركية عام 1964، ونقلتها من ثم مجلة "الميثاق" عن بيت اليتيم الدرزي في عبيه على حلقات متتالية. وقد جاء فيها: "إنني معني بايجاز ترجمة رجل من دهاة العرب ونبغائهم، وقد عرفته معرفة تلميذ لاستاذ قليل النظير في الحديث والقديم". وكان رشيد طليع الى جانب علمه وأدبه ودرايته ملماً بعدة لغات منها التركية والفرنسية والانكليزية. وقد أحرز عدداً من النياشين والاوسمة: الوسام المجيدي والوسام العثماني وميدالية الحرب وميدالية اللياقة وغيرها من الاوسمة. وحصل على رتبة باشا. كما أقيم له نصب تذكاري في بلدة الشبكي جبل الدروز. وأزيح الستار عن هذا النصب في 7 ايار 2002 اي بعد 76 عاماً من وفاته. فتأمل كيف يكرّم الخالدون في الاقطار العربية؟
يذكِّر المؤلف منذر محمود جابر في مؤلفه الجديد عن رشيد طليع بعنوان: "سجِّلْ: أنا رشيد طليع، سيرة ومصير" الصادر حديثاً عن "مؤسسة التراث الدرزي"، في لندن (2008)، في آخر الكتاب، في الصفحة 359، بمأثرتين لاهل الشبكي أو الشبيكة من قرى المقرن الشرقي في جبل الدروز اذ يرد ما يأتي: "كان في رصيد رشيد طليع قبل وفاته مبلغان من المال، 300 ليرة عثمانية، ومبلغ 50 ليرة ذهباً. أعطى المبلغ الاول لقيادة الثورة فهو مالها، اما المبلغ الثاني، وهو ما ملكه من حطام الدنيا فقد اوصى بتوزيعه، بعد وفاته، على الرجال المقاتلين من آل الجباعي في قرية الشبكي، وفاء منه لقيامهم بالواجب نحوه وعنايتهم به في حال مرضه".
والمأثرة الثانية عن وصول ثلة من الجيش الفرنسي بعد ايام من وفاة رشيد طليع "جاء افرادها يستفسرون عن مكان دفنه، فتوجّس الاهالي شراً من هذا السؤال؟ واستعدوا للاسوأ. فيما لو أقدم الفرنسيون على نبش القبر واخراج الجثمان. وكانت المفاجأة ان هؤلاء قاموا بعزف الموسيقى الجنائزية وتأدية السلام العسكري، احتراماً له خصماً صادقاً شريفاً اميناً، كان يتقلد ذات يوم منصب رئيس للوزارة في بلد من بلدان الانتداب".
فتأملوا كيف يكافىء اهل الغرب الرجالات الكبار الذين يقومون باعمال باهرة مجيدة في بلادهم، أو الذين تركوا بطولة مميزة في حياتهم، او الذين رحلوا عنّا باجسادهم وكانوا مصادر اشعاع ومشاعل نور. هؤلاء برعوا في ساحات العلم والذكاء والقلم والسيف والجهاد والفروسية. وقدّموا انفسهم على مذبح الفداء ذوداً عن كرامة الامة. وكان سلاحهم الامضى، الايمان بالله وبالوطن. هؤلاء الرجال الرجال لا تطمس الايام معالم آثارهم، ولا تنسى الاوطان عميم فضلهم. فذكرهم ثابت باق مدى الدهر، يتجدد باستمرار مخلداً اياهم في صدر التاريخ.
وكيف نكافىء نحن العرب رجالاتنا العظام! أليس هذا مخزياً وعاراً للغاية في بلداننا العربية؟ ان تُهمل التماثيل مع مرور الوقت فلا يبقى ذكرها خالداً بين الناس.
ان هذا واقع مؤلم ومحزن في آن معاً.
من كتاباته
قليلة هي الكتابات التي تركها رشيد بك طليع في حياته، لأنه لم يكن يُعنى بالكتابات بقدر ما كان يُعنى بالأعمال والانجازات والمشاريع. نُشرت في مجلة "الضحى" في نيسان 1958، رسالة بعث بها طليع الى الامير شكيب ارسلان، امير البيان في زمانه، وقد جاء فيها:
"اخذت هذه الورقة الصغيرة، لعلني اتمكن من أن اختار الكتاب. "قد اكدت على الأخ (ش) ان يعمل حسبما ورد في كتابك الاول، وهو سوف يعمل. وعليه اعتقد ان كتابتكم وكتابتنا للسيد رشيد لا لزوم لها، ولا شك في ان الاخ (ش) اما ان يذهب بالذات واما ان يعهد الى احد الاخوان هناك كخالد الحكيم او غيره بالقيام في هذه المهمة، وعلى كل حال سيقومون بهذه الخدمة احسن قيام، من استقبال واستلام واحضار وسائر للنقل، واخذ محافظين للبضاعة على الطريق، اما مكان التفريغ فنتركه لاختيار المأجور وهو يختار الميناء الأوفق.
"هذا الاسبوع سأرسل لكم حوالة برقية بألف جنيه على الاقل، وقد كتبت لكم في كتابي السابق وجوب الاقتصار على اربعة.
الضحى: "هنا مسائل سرية كتبت بالارقام".
لأن الاحتياج الشديد هو لذلك وبالطبع فان كتابي هذا السابق وصل في حينه فلا لزوم للتكرار.
ان اخبار الفرنسيين هي غير صادقة، واذكر انني كتبت لكم في كتابي السابق عن وقائع مجدل شمس وخلاصتها ان الحرب دامت هناك ثلاثة ايام، فكان عدد الدروز اقل من ثلاثماية وعدد الفرنسيين ثلاثة آلاف ومعهم نحو الفين من متطوعي الشراكسة، فيكون مجموع الحملة خمسة آلاف اتت من ثلاثة محلات من بانياس، ومن سحيتا، ومن المجدل. فخسر الدروز نحو ستين رجلا بين قتيل وجريح، والفرنسيون من 300 الى 400 رجل واضطر الدروز لاخلاء القرية لتأخر وصول نجدات اليهم من الجبل. ولكن بقي منهم شرذمة تداور القرية ليلا وتزعج العدو، فاضطر هذا لاخلاء القرية بعد ان دخلها بثلاثة ايام، وقد توجهت قوته هذه الى حوران وانضمت الى القوى التي كانت محتشدة في خربة الغزالة.
وهناك هاجم الدروز ما احتشد من القوى الفرنسية صباح 17 نيسان وضربوهم ضربة شديدة شتتوا شملهم فيها. وشاع اول امس ان الجنرال اندريا أُسر في هذه المعركة ولكن هذا لم يثبت رسميا بعد. ان تشتت الحملة تشتتاً كلياً قد ثبت ولم يبق فيه ريب. وقد هاجم الدروز في الوقت نفسه القوة المحتشدة في إزرع وشتتوها ايضا وحرقوا ودمروا القرية لأن اهلها اشتركوا بالدفاع عن الفرنسيين. وعلى اثر هذه الانتصارات بلغنا اليوم عن طريق عمان ان الفرنسيين بدأوا يستعدون لاخلاء الشام خوفا من هجوم الدروز عليهم هناك، واظن ان الخبر صحيح لأن القوة التي ضربت ازرع وهي نحو الف وخمسماية مقاتل، بقيادة سلطان والامير عادل واحمد مريود الذي حضر مؤخرا من العراق، كانت قبل هذه الضربة تستعد ان تذهب وعلى رأسها الامير واحمد مريود الى القنيطرة والجولان لاعادة ما قد خسره الدروز هناك من المواقع والنفوذ، فأظن انها تقدمت بعد ضربة ازرع واتجهت لجهة القنيطرة، ولا شك في انها تستولي عليها، وتعيد الثورة في تلك الاماكن، فراع ذلك الفرنسيين فجعلوا يستعدون لاخلاء دمشق، اذ ليس لديهم من القوى ما يكفيهم للمحافظة عليها، ولا شك في ان المجاهدين سوف لا يتركون اثرهم هذه المرة وسيتبعونهم الى دمشق بعد ان شتّتوهم في حوران. وكل ما يدّعيه الفرنسيون من خسائر الدروز في وقائع مجدل شمس والاقليم ومن مهاجمة عرب اللجاه لهم وغيره، كله كذب وبهتان. اما شكيب ارسلان فهو حي يرزق، وكان اتى الى فلسطين لأجل زيارة عائلته قبل وقائع المجدل ببضعة ايام، فعرفت بمجيئه وارسلت اليه معتمدا يبلغه لزوم العودة فوعد بسرعة العودة واظن انه عاد قبل بضعة ايام من هذا التاريخ.
فليسترح بالكم، وثقوا بأن امل نجاح الثورة اصبح تسعين بالماية. اعتقد ان احمد مريود يريد ان يبقي خبر مجيئه من العراق مكتوماً وسوف يثير الفاعور وعرقوب حاصبيا وقرى السينين في الاقليم. كنت اريد ان اعترض على كلمة
Panrabiste التي وردت في كتابكم واطلب استبدالها بكلمة عربية فلم يبق مجال لأن الورقة قد انتهت". وبعث رشيد برسالة (بالاسم الحركي) الى علي بك عبيد، نشرها سلامة عبيد في كتابه "تاريخ الثورة السورية". وقد جاء فيها: "حضرة الاخ الفاضل السيد عين الزمان الأفخم،
سلام واحترام وبعد، فقد اخذت كتابكم وحمدت الله على وجودكم بالصحة والعافية وطلبت من الله دوامهما لكم ولجميع افراد هذه العائلة الصادقين.
فهمت كل ما جاء في كتابكم، وقد لفت النظر الى التطور الذي ذكرتموه بعد فشل الاقليم، أفكنتم تظنون ان مجدل شمس او غيرها من قرى الاقليم تقدر على الثبات في وجه العدو اكثر مما ثبتت او هل تعتمدون بحربكم للفرنساويين على الاقليم او على مجدل شمس او وادي التيم؟ افلا تعلمون ان احتلال الفرنسيين لمجدل شمس يضعف من قوتهم ويزيد من قوتكم، فلو ترك الفرنسيون المجدل بدون احتلال وتقدموا الى الجبل فلا تكون قواتهم التي تزحف على الجبل ذلك الوقت اكثر من القوات التي تزحف الآن، اذ انهم مجبرون لابقاء حامية في المجدل وقوة سيارة لأجل تموينها وتأمين ارتباطها مع دمشق، وخصوصا ان المحاربين من اهل الاقليم اصبحوا كلهم في الجبل، وهم يزيدون على الف وخمسمائة مقاتل، اصبحوا كلهم مجتمعين في مكان واحد وهو الجبل بينما كانوا قبلا مشتتين في قرى الاقليم لا يقدرون على ان يجتمعوا كلهم في وقت واحد للحرب. فاذا افتكرتم مليا تجدون ان احتلال المجدل والاقليم هو افيد في حركات الجبل لكم مما هو للفرنساويين. انما حتى يكون هذا الفكر صحيحا يجب ان يبقى في الاقليم عصابات صغيرة وأن يذهب من الجبل اليها عصابات لا تزيد على المئتي مقاتل لتشغل بال الفرنسيين هناك وتضطرهم الى ابقاء قوات كبيرة هناك ولا اظن الا انكم افتكرتم بذلك.
لا بد لي من ان اقول لكم ان الفرنسيين اصبحوا بحالة يرثى لها. فالعصيان بين عسكرهم يظهر من آن الى آخر، والفرار منهم مستمر، وقواتهم المعنوية في غاية الضعف والانحطاط ومعيشتهم تعيسة جدا، ولا تأتيهم نجدات جديدة مطلقا، لأن البرلمان اي مجلس النواب رفض ارسال نجدات جديدة وطلب من الحكومة أن تنهي الحرب، فاذا صدمتموهم هذه المرة صدمة قوية لا شك في أنهم يتركون السلاح فيقبلوا جميع مطالب الثوار. فالثبات، واياكم ان تخور عزائمكم واعلموا ان ثباتكم هذه المرة سيخلصكم من النير الاجنبي فسوف يصلكم بعد مدة قصيرة نجدات كبيرة من كل شيء. واني الفت نظركم الى ان الثورة توسعت جدا في الشمال والترك بدأوا في المعاونة لأن فرنسا لم تتمكن من الموافقة على الاتفاقية التي عقدها جوفنيل في انقرة ومستقبل الحرب نتيجته هي لنا باذن الله.
لي ملاحظة عسكرية صغيرة ومهمة اريد ان ابديها لكم وهي: انكم تعلمون ان انتصاركم على حملة ميشو وتشتيتكم اياه كان بفضل الهجوم الذي عملتموه عليها وهي سائرة من الجناح. فالجيش السائر اذا هوجم من الجناح او من الوراء ينكسر لا محالة مهما كان قويا. وفي وسعكم مهاجمة حملة اندريا التي ينوون سوقها الى الجبل من احد اجنحتها من ورائها، فاذا فعلتم ذلك لا شك في انكم تشتتونها كما شتّتم حملة ميشو، وهي اي حملة اندريا لا تزيد على عشرة آلاف عسكري كلهم انهكتهم الحرب واصبحوا جبناء وضعفاء وفلولاً لا يؤبه لهم. فاجمعوا عليهم جميع قواكم وانقضوا عليهم كالأبطال كما هي عادتكم فترون انهم لا يقفون أمامكم اكثر من بضع ساعات، وخصوصا اذا تمكنتم من ضربهم من الجناح او الوراء فتأخذونهم كلهم مع ذخائرهم ومعداتهم وتجعلونهم عبرة لمن اعتبر. اما اللجاه فاذا تركتم فيه ماية او مايتين بارودي مع زعيم كشبيب القنطار فلا يقدر الغرب او غيرهم الى اخذه من يد الدروز. اقول ذلك لأنني ارى ان لا تبقوا قوة كبيرة في اللجاه اثناء تقديم حملة اندريا، بل كل القوى يجب ان تلاقي الحملة وتنقض عليها ولا اعتقد انهم يسوقون عسكرا من جهة ازرع فاذا ساقوا من هناك فالانقضاض عليهم من جهة اللجاه سهل جدا.
لا بأس من توزيع العيال من الاماكن التي يحتمل ان يصل العدو اليها، ولكن يجب ان يكون هذا كتدبير احتياطي فقط وان لا يكون عن خوف وجزع ورأيكم في ارسال العائلة الى الرصيفة (شرق الاردن) رأي لا بأس به فارسلوهم حالا وانا اقوم هناك بجميع نفقاتهم وتامين اعانتهم. وقد كتبت الى الاخ عادل بك العزمة ان يفعل ذلك على حسابي الخاص، واخبرته ايضا ان يدفع اجره وسائر النقل التي توصلهم الى رصيفة، وهو سيقوم بما اوصيته به بكل سرور وفخر. فثقوا بأن العائلة هناك مهما بلغ عددها تكون بأمن ورفاه لا تحتاج الى شيء مطلقا، وان اجرة وسائط النقل تدفع حالا لأصحابها حين وصولهم. واظن انكم تعلمون ان عائلتكم هي كعائلتي والعرض واحد والمال واحد ولا يوجد بيننا مفترق الا ما حرمه الله. اما ارسال دراهم من مال الاعانات الى غير اللجنة التي تشكلت في الجبل فهو غير ممكن لأن كل شيء تحت ضبط وقيد في يد اللجنة المركزية في القدس لا في يدي وحدي، ويجب ان لا تهتموا مطلقا بأمر نقل العائلة وتأمين معيشتهم وراحتها بالرصيفة، فكل ذلك يجري حسبما ترغبون. فأجرة النقل تدفع حالا ونفقات المعيشة كذلك. فلا تتأخروا بارسالها مع عائلات حسني وتوفيق ايضا، ولا بأس اذا اتى توفيق معهم هذا اذا لم يكن له في الجبل لزوم. فاذا كان له لزوم هناك فأحد اولادكم يكفي ان يكون مع العائلات جميعهم.
تفضلوا بقبول احترامي الفائق واهداء مثله لسعادة سلطان باشا وسعادة عبد الغفار باشا ولجميع الزعماء والشيوخ والاصدقاء والاخوان وأدام الله بقاكم.
في 21 نيسان 1926.
اخوكم (التوقيع) المقداد
"واذا لزمكم في بادىء الامر بضع ليرات فخذوهم من الامير او من سلطان باشا او من عبد الغفار باشا او من عادل بك نكد وانا احاسبهم به".
* * *
هذا هو رشيد طليع، الذي دعاه الامير (الملك) عبدالله في ربيع 1921 لتأليف اول حكومة عربية اردنية، فجاء عمان ومعه مجموعة من فرسان بني معروف، وكان ان ألف طليع في 11 نيسان 1921 اول حكومة استقلالية في شرق الاردن، من تسعة اشخاص من رجالات البلاد، هم: رشيع طليع للرئاسة والداخلية، الامير شاكر ابن زيد للعشائر، الشيخ محمد خضر الشنقيطي قاضي القضاة، مظهر رسلان للعدلية والصحة والمعارف، علي خلقي بك للأمن والانضباط، حسن الحكيم للمالية، امين بك التميمي مشاور للداخلية ومتصرف لواء عجلون، احمد مريود معاون نائب العشائر، خير الدين الزركلي رئيس ديوان الوزارة.
وهذه الوزارة لم ترضِ الانكليز بالنسبة الى ماضي عناصرها في النضال ضد الاستعمار، ولاسيما ان الحكومة اعلنت شعارها وهو "الحكومة الاستقلالية" ولم يمكث رشيد طليع في الحكومة سوى بضعة اشهر، اذ حصلت صدامات بين الحكومة والمستعمرين. وقدمت هذه الحكومة استقالتها في 23/6/1921.
هذا هو رشيد بك طليع الذي تسلم في حياته أعلن المناصب الحكومية. وكان قائداً عربياً فذا من الطراز الاول، واحد اركان الثورة السورية الكبرى بقيادة القائد العام للثورة سلطان باشا الاطرش. ويُروى انه عندما وصل خبر وفاة هذا القائد لأهله وذويه في مسقط رأسه جديدة الشوف في جبل لبنان، كان المستشار الفرنسي قد وصل الى مكان المأتم، وكان القاضي امين طليع حاضرا. وكان في نية المستشار الحيلولة دون اذاعة خبر النعي واقامة مأتم للفقيد. ولكنه وجد ان الخبر قد اذيع وتناقلته الالسن بين الملأ، فانصرف من دون الحصول على اية نتيجة بعدما جاد بكلمة مؤاساة مشفوعة بنصائح السلطة. وكان من حقد السلطة الفرنسية المنتدبة ان اوعزت بكف يد ملحم حمدان مفتش العدلية وسعيد زين الدين رئيس دائرة الجزاء واليوزباشي توفيق طليع قائد درك صيدا لأنهم حضروا مأتم الفقيد الذي كان مأتما كبيرا، وعلى رأسه شيخ عقل الدروز يومذاك الشيخ حسين طليع الذي قام بالصلاة على روح الغائب، لأن الفقيد كان قد توفي في 20 ايلول 1926 على اثر مرض معدي اصابه بشكل مفاجىء.
هذا هو المجاهد الكبير رشيد بك طليع الذي كان احد زعماء الامة وأوفى اوفيائها، وكان عضوا في مجلس النواب العثماني ووالي حلب واللاذقية ومتصرفاً لطرابلس الشام ووزير الداخلية في حكومة سوريا العربية ورئيس اول وزارة في شرق الاردن، كما كان اداريا حازما وشخصا ممتازا تبوأ اعلى المناصب في الطائفة الدرزية.
نجيب البعيني/ النهار  


قائد الثورة: الشرقية معقل الثورة والجنوبية سيفها ..
وأما الشمالية والغربية فدرع الثورة!!
رشيد طليع ..دفن واقفاً كالأشجار
تعتز قرية "الشبكي" الواقعة شرق "جبل العرب" على حافة بادية الشام بكونها إحدى ساحات معارك الثورة السورية الكبرى بقيادة قائدها العام المغفور له "سلطان باشا الأطرش" ليس هذا فحسب فهي تضم بين رفات شهدائها رفات المجاهد "رشيد طليع" الذي أصيب في إحدى معاركها وتوفي أواخر أيلول عام 1926وقد نعاه القائد العام للثورة بقوله: «فقدنا بوفاته ركناً من أركان الثورة، ورجلاً من خيرة رجال العرب الأفاضل.«! ووفاء لذكرى هذا الثائر العربي أقامت "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية" يوم الأحد في 12/3/ 3009في بلدة "الشبكي" احتفالية خاصة لشهداء الثورة بمناسبة عيد الجلاء حيث تناول المتحدثون بالتوثيق والبحث شخصية "جيفارا الشرق" القائد "رشيد طليع" الذي ارتبط اسمه بواحدة من ملاحم البطولة، فقد أطلقت امرأة ما من نساء جبل العرب مأثرة خالدة تستمد منها الأجيال العربية معاني الكرامة والعزة الوطنية، وككل المآثر العظيمة يختلط الواقع بالأسطورة وتبقى المأثرة!! ( يروى: أن امرأة مجاهدة قد تكون"رضية سعيد" أو "بستان شلغين" أو غيرهما، أوقفت الرجال الذين كانوا يهمّون بدفن "رشيد طليع" وطلبت منهم أن يدفنوه واقفاً، حتى لا تنام شعلة الثورة في الأجيال!!)
هو رشيد بن علي بن الشيخ "حسن طليع" شيخ عقل الطائفة الدرزية ولد في جديدة الشوف سنة 1876 اشتهر بالألمعية والذكاء ودماثة الخلق وطيب العشرة تخرج من معاهد الإدارة في الأستانة ثم شغل قائمقام "الزبداني" ف"راشيا" و"حاصبيا" ف"جبل الدروز" حيث صار من انضج الإداريين وأكثرهم حنكة ومرونة يرافقها الحزم والمتانة الأخلاقية والمقدرة العلمية والقانونية مثل لواء "حوران" في مجلس المبعوثان1914 وعاد متصرفا الى "حوران" وأثناء وجوده في "درعا" قاعدة متصرفية "حوران" التقى ب" سلطان باشا الأطرش" ونشأت بينهما علاقة متينة أصبح متصرفاً لطرابلس الشام ومتصرفاً للاذقية 1916ويقول "محمد الشريقي" كان أحرار العرب وقواد حركتهم السرية يعلمون أي عنصر نبيل ينطوي عليه خلق "رشيد طليع". ويقول "عجاج نويهض": إن أحرار العرب، عندما سقطت السلطة العثمانية فاوضوا "رشيد" ليبقى حاكماً ل"اللاذقية" وهم يحملون أمامه سعف النخيل ليدخل في موكب العربي الجديد لكنه غادر "اللاذقية" إلى مسقط رأسه في "لبنان" ..نسب إلى "الجمعية العربية الفتاة" السرية وحزب "الاستقلال العربي" المنبثق عنها للاستفادة من مواهبه الإدارية وشخصيته المميزة وذكرت مجلة "الحوادث" في عددها رقم1296عام1981في معرض حديثها عن أن الشاعر "بدوي الجبل" وهو في الخامسة عشرة من عمره رافق متصرف اللاذقية "رشيد طليع" في رحلة دقيقة في المنطقة أيام ثورة "الشيخ صالح العلي" موفداً من الملك فيصل إلى الشيخ "صالح العلي" الذي أصبح صديقاً ل"رشيد طليع" وحول هذا الموضوع يؤكد الدكتور "أحمد قدري" طبيب الملك فيصل الخاص واحد مؤسسي "الجمعية العربية الفتاة" في الأستانة في مذكراته ص133: «في آذار 1919 وبسبب ضغط الفرنسيين في المرقب بجبل العلويين على بعض السكان إرضاء لزبانيتهم وإقطاعهم أراض الغير ثار السكان بقيادة صالح العلي وانتصر أكثر من مرة على الفرنسيين... واستمرت الثورة ثلاثة أشهر إذ أن رشيد طليع الذي كان آنئذ متصرفاً في حماه وساعد الشيخ صالح وثورته مساعدة كبيرة لأنه سبق أن كان متصرفاً في اللاذقية وله اتصال وثيق بأهلها فكانوا خير عون للثورة وقائدها» عين وزيراً للداخلية في عام 1918في أول إمارة شكلها الأمير "فيصل" حكومة الركابي.وفي عام 1920عين والياً على "حلب" بسبب الفوضى والأطماع التركية والفرنسية هناك، وساعد وجوده هناك على تقوية الثورتين: (ثورة الشيخ صالح العلي وثورة إبراهيم هنانو)، وأمدادهما بالمال والسلاح.كلف بتشكيل أول وزارة في "الأردن" في زمن الأمير "عبد الله" فقاوم الاحتلال البريطاني ورفض تدخل الانكليز في السياسة الداخلية للأردن آنذاك، واضطر إلى الاستقالة من الوزارة على اثر ذلك، وانتقل إلى القدس وشكل جمعية "مساعدة الأحرار" ولاقى من الإنكليز المضايقات الشديدة فاضطر إلى المغادرة إلى مصر ليشارك زملاءه في الفكر والقلم، وكان من بينهم المرحومين الأمير "عادل أرسلان" والعقيد "فؤاد سليم"، ومن هناك جرت اتصالات وكتابات سرية بينهم وبين المرحوم "سلطان باشا الأطرش" للتخطيط للثورة في جبل العرب، والتحق هؤلاء جميعاً بالثورة في الجبل عند قيامها عام 1925 خاض المجاهد "رشيد طليع" عدة معارك وأصيب في إحداها ..توفي في قرية "الشبكي"عام 1926
وورد في مذكرات المجاهد "متعب الجباعي" التي دونها ونشرها ابنه سمير: «أنه بعد أن علمت السلطات الفرنسية بوجود بعض الثوار في المنطقة الشرفية من الجبل عام 1926 تحركت حملة بقيادة الكولونيل "لانساك" إلى معقل الثوار في قرية "الشبكي" وتوجهت من "نمرة" إلى "أم ضبيب"- "طربا" –"أم الرواق"- "العجيلات" –" المشنف" –" رامي" – "الشريحي" وصولاً إلى قرية "الشبكي" فاصطدمت بمجموعة من الثوار بقيادة "زيد الأطرش" التي اتخذت من "وادي المعي" إلى الشرق من "القريا" مركزاً لها ومجموعة أخرى إلى الغرب من "القريا" في منطقة تدعى "الحبا" وكانت بقيادة "عادل أرسلان" والمجموعة التي تعقبت الحملة كما ذكرنا كانت بقيادة "محمد عز الدين" وجرت معركة حامية الوطيس واسقط فيها الثوار طائرتين واحدة في قرية "الشريحي" والأخرى في قرية "اسعنا" وعلى أثر ذلك لم يتحرك الجيش الفرنسي من القرية وزاد الضغط على المواطنين فيها واستمر وجود الفرنسيين في القرية لبضعة أيام ينتظرون إمداد الطيران لهم من جهة ومن جهة أخرى للتأكد من وفاة القائد "رشيد طليع" والكشف على ضريحه وهو أحد القادة الوطنيين والذي توفي في قرية "الشبكي" قبل أيام من وصول الحملة الفرنسية إليها إثر مرض ودفن فيها وله مواقف وطنية عديدة فقد كان صلة الوصل بين ثورة الشمال بقيادة "إبراهيم هنانو" وثورة الساحل بقيادة "صالح العلي" وقد قاد عدة حملات للثوار في الجبل ولبنان وكان قدم للثوار قبل وفاته بفترة بسيطة/ 2200/ ليرة ذهبية كمساعدة لهم ومن جراء المناورات التي جرت بين الثوار والجيش الفرنسي وقصف الطيران للقرية ذهب عدة شهداء من أبناء القرية ومنهم من أبناء القرية "سليم أبو عمار" ومن النساء "هدية الجباعي"- "خزعة سعيد"- "رضية حمايل"- "خزمة أبو عمار" ثم تحرك الجيش الفرنسي إلى الجنوب حتى وصل فيه المطاف إلى قرية "الرشيدة" وطوال فترة سيره وقبيل وصوله إلى قرية "الرشيدة" توالت عليه هجمات الثوار حيث كبدته خسائر كبيرة بالأرواح والعتاد وبالمقابل استشهد العديد من المجاهدين الثوار فمنهم "نايف يوسف الجباعي" من "الشبكي" و"سليمان الشاعر" من "بوسان" و"قاسم شرف الدين سلام" وابنه من قرية "الشريحي" و"هلال أبو زيدان" من "العجيلات" و"سالم كمال" من "سالي" و"حليم الجردي" وهو لبناني الأصل وغيرهم من الشهداء وشارك من المجاهدين وبرز منهم الكثير مثل: "محمود ابو يحيى و"جبر شلغين" وغيرهم واستمرت هجمات الثوار على الجيش الفرنسي طوال ذلك اليوم حتى وصل منطقة "الحبكي" فقضى ليله فيها ثم توجه جنوباً حتى وصل "صلخد" ومنها إلى "السويداء" وبقي قسم من الثوار في "الشبكي" والمنطقة تفادياً لأي هجوم آخر للقوات الفرنسية» وقد خلد هذه المعركة الشاعر "صالح عمار" في قصيدته الشهيرة:
(يا اخواني بالقلب هجاس أصبحت وفكري محتاس
في مضافات الشبكي التي كانت معقلاً للثوار.. تداولنا الذكريات الباقية على ألسنة أبناء وأحفاد المجاهدين ففي مضافة الشيخ "أبو إياد "علي أبو عمار" وفي منزل السيد "ثليج الجباعي" دار الحديث التالي: «هذا البلد ككل قرى جبل العرب له تاريخ عريق وأهلنا كانوا مضيافين فهذه الساحة قصفت من قبل الطيران الفرنسي مرات واستشهد عدد كبير من الرجال والنساء والأطفال ولكنها قاومت العدو فأذاقته الهزائم الواحدة بعد الأخرى والفضل للثوار وعزيمتهم وإيمانهم بوطنهم وحريته ودفاعهم عن كرامته وروى السيد ثليج الجباعي أن الأمير "عادل أرسلان" التقى بالثوار في "داما" فأوصاهم قائلاً: ديروا بالكم على المقرن الشرقي والشبكي!.. فقال له الشيخ "أبو إسماعيل متعب الجباعي": قلت أيها الأمير بأن "المقرن الجنوبي" هو "سيف الثورة" و"المقرن الشمالي" هو "درع الثورة" فماذا تقول في "المقرن الشرقي" وقرية الشبكي، فقال الأمير: هو "معقل الثورة والثوار" وعن سبب اختيار الثوار "الشبكي" قال: لقد اتخذ الثوار منها قاعدة لشن الهجمات على الفرنسيين نظراً لبعدها عن المدينة ولطبيعتها المكونة من جروف ومغر طبيعية ولوجود بركة عمقها يقارب/ 35 / متراً فوق نبع لا تنضب ماءها!.. والطريف أن الفرنسيين حاولوا تجفيفها، بهدف القضاء على الثوار وإخراجهم من تحصيناتهم، فأوعزوا لفرقة من الجيش أن تجفف ماءها فذاقوا الفشل لأن المياه كانت تتجدد تلقائياً من مصدرها ثم ما لبثوا أن ولوا أدبارهم ..ولذلك فقد بقيت معقلاً للثوار أمثال: "د.عبد الرحمن الشهبندر" و"شكري القوتلي" و"الأميرعادل أرسلان" و"رشيد طليع" وغيرهم»
ختاماً..أردنا من هذه الإطلالة أن نلقي الضوء على واحدة من المعارك التي لم تأخذ حقها وعلى صفحات من الجهاد والنضال السياسي المشرف والتي كرست "عيد الجلاء" فاتحة أعياد الجمهورية العربية السورية ..كما أردناها بطاقة ورد فوق قبور الشهداء والمجاهدين المنسيين ..من كل بقاع وطننا الكبير والذين عمدوا بدمائهم ترابه المقدس، فنبتت أرجوانا بلون صخور الجبل وسنديانه الدافئ الأبي!!
زياد الجوهري


 

 

 

 

 

موثق في مذكرات المجاهد متعب الجباعي:

 

 تحت عنوان معارك الشبكي والمقرن الشرقي

 

المجاهد البطل ابو حمد شاهين سجاع

 

المجاهد البطل ابومعذى عقاب شجاع

 

من مآثر النضال ضد الاستعمار الفرنسي

 

بمناسبة ذكرى انطلاقة الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش

 

.. وذكرى معركة المزرعة الشهيرة...

 

قرية الرشيدة الصغيرة بحجمها والكبيرة بفعلها الوادعة الشامخة شرقي الجبل في محافظة السويداء والتي تشبه كل قرى وطني سورية بصمودها وبطولة رجالها ونسائها وطيبتهم وحبهم للوطن والعمل والإنتاج، كان عدد سكانها عام /1925/ ما يقارب /300/ شخص.

 

عدد المقاتلين فيها آنذاك /60/ رجل قادر على حمل السلام وتم تشكيل خلية مقاومة ضد الاحتلال الفرنسي لجأت للبادية بقيادة شاهين شجاع واستمرت المقاومة حتى عام /1938/.

 

شارك في القرية /16/ محارب بقيادة المجاهد رشيد طليع وأقاموا عدة غارات على القوات الفرنسية حتى الاستقلال كي لا تستكين الثورة ومنها تفجير سكة قطار دمشق ــ درعا.

 

كثيرة هي معارك البطولة في جبل العرب والتي تحتاج إلى الكثير لذكرها وسوف اقتصر هنا على معركة قرية الرشيدة ويروى لنا أحد أبنائها الشاعر محمد جادو شجاع ما يلي:

 

«تحرك أندريا بجيشه من شهبا مطلع أيلول عام /1926/ على المقرن الشرقي باتجاه طـّربا رداً على إسقاط الثوار طائرة حربية فرنسية في أيار، واتهم المجاهد هايل سلام بقتل طيارها، وتم تدمير البيوت في قرية طربا ومنها منزل المجاهد جاد الله سلام، ثم تابعت الحملة على قرية ــ غيضة حمايل ــ ثم وقعت معركة الشبكي الشهيرة وتوالت النخوات وأظهر العدو شراسة لا مثيل لها، فكانت القنابل تتساقط على الثوار من كل حدب وصوب، ومع ذلك استبسل الثوار والتحموا مع جناح العدو الأيسر وجعلوه يتقهقر باتجاه وادي الرشيدة.

 

وهناك توج الثوار نصرهم بإسقاط طائرة حربية ثانية، وما زال بقايا المحرك وبذلة الطيار الفرنسي عندي وعند أخوتي، نحن أبناء المجاهد جادو هزاع شجاع

 

وقد شارك في هذه المعركة التي دامت أكثر من خمس ساعات معظم رجالات الثورة السورية الكبرى وحقق هذا الانتصار زيادة عدد الثوار الملتحقين بالثورة وزيادة اشتعال الثورة وانتشارها إلى كل المحافظات، ولولا واسطة بعض الشخصيات لكان الثوار قد أبادوا الحملة كلها، وبعد ساعات رفع الاستعمار راياته البيضاء واستسلم.

 

ويذكر أن هذه الحملة تمت مهاجمتها من الشرق بقيادة سلطان الأطرش القائد العام للثورة السورية الكبرى يرافقه الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، وشكري القوتلي، ونسيب البكري، وعدد من زعماء ومجاهدي دمشق.

 

ومن الغرب هاجم الحملة المجاهد الأمير عادل أرسلان ومعهم المجاهد القائد رشيد طليع وقواته، والمجاهد محمود أبو يحيى والذي استمر بجهاده حتى عام /1948/. وثم استشهد في فلسطين وما يزال ضريحه في أحد مرتفعات فلسطين المحتلة يتم طلاؤه بالكلس من قبل أخوتنا الفلسطينيين تخليداً لجهاده.

 

ومن جهة ثانية، كانت قوات المجاهد محمد عز الدين، وتم ذكر كل هذه التفاصيل في مذكرات الجنرال أندريا والقائد العام للثورة السورية الكبرى سلطان الأطرش

 

من صفحة الاستاذ اجود سجاع

 

معظم الناس يعتقدون ان الثورة السورية الكبرى استمرت عامين فقط 1925 - 1927 لكن الحقيقة غير ذلك وهناك من استمر في القتال حتى عام 1930 ومن هؤلاء ابو حمد شاهين سجاع الملقب ب (راعي المليحة) وهي النخوة التي كان ينتخي بها. شكّل عصابة مؤلفة من عدة مقاتلين اشداء من بينهم اخوته الاربعة وكانوا يتنقلون في البادية الشرقية مختارين المناطق الوعرةالتي يصعب الوصول اليها ومن هذه المناطق كانوا يشنون هجماتهم على الفرنسيين . وفي عام 1927 توقفت الثورة وعاد الثوار الى مزاولة اعمالهم ومنهم من تطوع

 

 في الجيش الفرنسي او استلم مناصب ادارية في الحكومة. وارسل شاهين احد اخوته كي يستشير القائد العام للثورة سلطان باشا الاطرش في ما اذا كان عليهم ان يلقوا سلاحهم أم يستمروا في المقاومة وكان رأي الباشا هو ان يتابعوا القتال كي يثبتوا للعالم ان الثورة ما زالت مستمرة وهكذا كان , الا ان عدد افراد العصابة تقلص كثيراً حتى اصبحت تقتصر على شاهين واخوته وبعض الاصدقاء فاضطروا الى اصطحاب كامل افراد اسرهم ومغادرة الديار التي اصبحت في متناول الفرنسيين وذهبوا الى (الرحبي )

 

 

شهداء السويداء - جبل بني معروف

سلطان باشا الأطرش

 القائد العام للثوره السوريه الكبرى : الجزئ الثالث

 

 وبسبب تدهور الأوضاع في الإقليم وجه سلطان كتابين الأول إلى حسني صخر والثاني إلى عمه عبد الغفار الأطرش ووقع الكتابين معه فضل الله هنيدي – لإستنهاض الهمم – فبدأت المكاتبات وإرسال الرسل والمفازيع لكافة أنحاء الجبل وحددوا الزحف عن طريق اللجاة وإستنفرت جميع بيارق الجبل ودخل فريقا ً من النازحين بأمان إلى اللجاة من حهات بلدة المسمية بفضل توجيه الزعيم المقدام أحمد الغصين وأفراد العشائر المنتمية إليه

 وفريق آخر وفيه الغالبية العظمى من النازحين حاولوا الدخول عن طريق ( الترعه) الواقعة بين قريتي جدل وخبب – فأوقع بهم أدلاء متآمرون وقادوهم وسط ضباب كثيف إلى ( بقع جمره ) وهو مكان كستنقع ويقع إلى الشمال الغربي من جدل – فحاصرهم قسم كبير من المرتزقة الذين حرضهم الفرنسيون ودفعوهم لينالوا من النازحين ويتقاسموا الغنائم

 فإنطلق سلطان ومن معه من جدل في صبيحة يوم 11 نيسان ومعهم من وصل من المفازيع فحاول الأمير عادل أرسلان أن يثني سلطان عن الركوب في تلك اللحظه قائلا ً له : إنك القائد العام لهذه الثورة لا نريد أن تصاب بخدش بسيط على يد هؤلاء المرتزقة ووافقه الحضور على ذلك ولكن سلطان قال لهم ( لنسر في طريقنا والله الموفق على كل حال ) وفي هذه المعركة كانت جثث الآدميين والحيوانات غائصة في الأوحال , أطفالا ً يختلط صراخهم بإستغاثات النساء , وجرحى خارت قواهم فتلوثت جراحهم بالمياه الآسنة - أ ُمّا ً نجت بطفلها الرضيع فإنتحت به جانبا ً محاولة تهدئة روعه بقطرات من ماء نضحتها براحة يدها من مسيل هناك فأصابوها برصاصة في صدرها ولما ذهب قريبها لإسعافها وإنقاذ طفلها وجدها تلفظ أنفاسها الأخيرة والطفل مشدود بذراعيها إلى صدرها يرضع لبنا ً ممزوجا ً بالدم ........ ---------- وهنا كان حضور سلطان المفاجئ مع الأمير عادل أرسلان والبيارق الزاحفة سببا ً لإستبسال المجاهدين وما هي إلا ساعات حتى جاء النصر وعاد سلطان وزعماء الإقليم والقادة إلى مواقعهم وإمنوا النازحين بحراسة عدة فصائل من الفرسان إلى أطراف اللجاة ..

وبعد تسيير الحملات على حوران والغوطة والإقليم ونشوب معارك كثيرة فيها وتحقيق إنتصارات رائعة كان سلطان يعقد إجتماعات بين الحين والآخر في ( عرى – الرحى – قنوات - ) لدراسة مختلف شؤون الثورة

 وكانت القوات الفرنسية محتشدة في قرى حوران غير أن المسيو ( دي جوفينيل )المفوض السامي الجديد كان يتظاهر برغبته في السلم وعقد الصلح فأرسل وفدا للقاء سلطان في غضون شهر شباط 1926 في عرى فأوضح لهم سلطان المبادئ الأساسية التي قامت عليها الثورة وإستشهد من أجلها آلاف المجاهدين وأكد لهم بقوله : أننا لن نهادن الفرنسيين قبل أن يستجيبوا لمطالبنا ويعترفوا بحقوقنا المشروعة في وحدة وطننا وحريته وإستقلاله ... ومن ثم قرر سلطان ورفاقه الإنتقال إلى قرية نجران ومن ثم إلى قرية داما حيث إجتمعوا فيها وقرر الحاضرون على إتخاذ القرارات التالية : 1. نقل مقر القيادة إلى اللجاة والتمركز في بعض قراه للسيطرة على سكة حديد دمشق – درعا وتأمين المواصلات مع الغوطة والإقليم

2 . تكليف لجنة برئاسة الأمير عادل أرسلان للرد على بيان المفوض السامي ودعوته السلمية المضلله التي وجهها إلى الجبل

 وفي أوائل شباط عام 1926 إتخذ سلطان من قرية جدل مقرا ً للقيادة العامة وفي حوالي العاشر من شهر شباط وإذ بجموع تزحف على المجاهدين قبل طلوع الفجر تتألف من ثلاثة آلاف مقاتل تساندهم الطائرات بغاراتها فصمد لهم الثوار ودحروهم – ولم يلبث الفرنسيون أن حشدوا القوات مرة ثانية في جهات قرية ( محجه ) ودارت معركة ومني الفرنسيون بهزيمة أخرى

 وأيضا ً في معركة ( الطف ) ومعركة ( خبب ) حيث هزموا الفرنسيون أما مجموعة المجاهد عبد الغفار الأطرش وفريق من أهالي السويداء – ومجموعة الأمير عادل أرسلان وفريق من أهالي قرية عرمان المناظلة

 أقبل نيسان وإستكمل الفرنسيون تجهيز الحملة في حوران وتهيؤوا لغزوا الجبل بقيادة الجنرال ( أندريا ) فكان على سلطان ورفاقه إنهاء فترة الإقامة في اللجاة والعودة إلى السويداء ليتخذوا مراكزهم الدفاعية المناسبة في القرى والهضاب المجاورة لها فعقدوا إجتماعا ً في عين ( خراشا ) التابعة لقرية الرحى وإتخذوا قرار إستنفار جميع قرى الجبل لمواجهة الحملة الفرنسية التي تتألف من نحو عشرين ألف جندي

 وفي مساء يوم الجمعة 22 نيسان 1926 إنتقل سلطان مع أركان الثورة وفريق كبير من الفرسان من الرحى إلى ( كوم الحصى ) وقسم قوات المجاهدين إلى ثلاثة أقسام : الأولى رابطت في المزرعة شمالا وتتألف من بيارق المقرن الشمالي والغربي – والثانية تتألف من بيرق السويداء وبيارق القرى الجنوبية والشرقية ورابطت في نفس السويداء – والثالثة تتألف من خيالة المقرن الجنوبي ظلت ترابط في جهات قرية بكا تحسبا ً لزحف القوات الفرنسية المجتمعة في بصرى الحرير على صلخد – ومن ثم أنفذ سلطان تعليماته لتحركها إلى قرية عرى .

إنطلق العدو بحملته من المسيفرة وحط رحاله في السهل المجاور لتل الحديد في 24 نيسان يوم السبت وتقدمت حملته الثانية من بصرى بإتجاه السويداء مما جعل الخيالة المرابطة في بكا الإسراع إلى عرى لمنعها من مواصلة تقدمها – وفي صبيحة يوم 25 نيسان جرت المعركة في السهل المجاور لقرية المجيمر ثم إنسحب الثوار إلى بلدة عرى حيث نشبت معركة عنيفة إنتصر بها الخيالة وتغلغلوا وسط الجنود ونازلوهم بالسلاح الأبيض ولكنهم فوجئوا بحركة إلتفاف باؤعة جانبية كسرت حدة هجومهم فتراجعوا بأتجاه قرية رساس ثم بات طريقها مفتوح إلى السويداء بعد أن تكبدوا الفرنسيين خسائر فادحة – أما الحملة الرئيسية فقد بدأ زحفها من تل الحديد في صباح يوم 25 نيسان فإحتلت ( تل جيده ) وقرية كناكر .

بدأت المعركة بإشتباك عنيف مع طلائع الحملة وكان سلطان قد إتخذ مقره في قلب هذه الجبهة بمدينة السويداء وكان بيرق السويداء مرابطا ً في مكان يعرف بكرم الشعار وكذلك البيارق الأخرى بحيث كبدوا العدو الخسائر الكبيرة وتمكنوا من إيقاف تقدمهم والقيام بهجوم معاكس إخترقوا به صفوفهم وإلتحموا معهم بالسلاح الأبيض فإنهارت جبهة العدو دفعة واحدة وجنودها يتراجعون إلى مراكزهم الخلفية وأما المدرعات فقد سد الثوار الطرق بالحجارة وراحو ينازلونها بمناكبهم وفؤوسهم وقلبوا إثنتين منها وأضرموا النار فيها – ثم تمكن العدو من فتح ثغرة واسعة في صفوف الثوار عن طريق السويداء – المزرعه – نفذوا منها إلى المدينة وحملتهم الثانيه كانت تدخلها من جهة الجنوب وخسر الثوار مئات الشهداء وثلثهم أصيب بجراح بليغة – ثم إتخذ سلطان ( عين الخشبة ) الواقعة شرقي قرية الرحى مكانا جديدا ً لمقر قيادته وفي هذه الأثناء وصل خبر فشل المفاوضات وإعتقال السلطة لبعض أعضاء الحكومة المذكورة – ثم ذهب سلطان إلى أبو زريق ومن ثم إلى ساله وعقد إجتماعا مع أركان الثورة وقرروا ما يلي :

1 . مواصلة الحرب دون هوادة

2 . تجهيز فرق مقاتلة تخصص لأفرادها رواتب شهرية

3 . إعادة القوات النازحة من الإقليم لإستئناف القتال فيه

4 . عدم الدخول في مفاوضات مع الفرنسيين إلا على أساس تحقيق مطالب الثورة

5 . إنزال أشد العقوبات بالمستسلمين للعدو أو المتعاونين معه

 ولم تلبث حملة الإقليم الجديدة أن سارت في وجهتها بقيادة الأمير عادل أرسلان وإحتلت مجدل شمس وجعلتها مقرا لقيادتها – وعلى أثر الزيارة التي قام بها الجنرال غاملان إلى السويداء في حوالي منتصف أيار باشر الجنرال أندريا لإحتلال بقية مناطق الجبل فتوجه على رأس حملة وجيش كبير مؤلف من نحو عشرة آلاف جندي نحو الشمال تسانده المدفعية والطائرات

 قضى ليلته في قرية سليم ثم قرية شهبا حيث دمر القرى التي مر بها

 ثم عاد إلى السويداء عن طريق ( بريكه – كفر اللحف – المجدل – المزرعه ) ثم عقد سلطان ورفاقه إجتماعا في قرية شقا تقرر فيه :

1 . تشكيل إدارة محلية

2 . إنتخاب مجلس وطني

3 . تنظيم جيش الثورة في وحدات مقاتلة

 ثم إنتقل إلى قرية مفعله وقد أجمع الحاضرون على إضافة مطلبين هما :

الإصرار على المطلب الرئيسي في وحدة البلاد السورية

 الموافقة على عقد معاهدة مع فرنسا تحفظ فيها الحقوق الكاملة في الحرية والإستقلال

 وفي أواخر أيار عام 1926 تحرك الجيش الذي أعده الجنرال أندريا وتوجه نحو المقرن الجنوبي لإحتلال صلخد – مر على قرية ذيبين ثم على قرية أم الرمان فسارع سلطان مع فريق من الثوار إلى لقاءه وأنزلوا بهم خسائر كبيرة عند ( تل بركات ) ثم حصلت معركة إلى الشرق من برك ماء قرية أم الرمان بينه وبين مشاة بيرق أم الرمان ولكن الجيش تابع طريقه حتى وصل إلى ( تل شبيح ) ثم ضرب خيامه في قرية الغاريه – ثم تابع طريقه إلى عنز ثم المشقوق – وفي هذه الأثناء عمل سلطان على وضع فريق من المجاهدين في ( تل الحبس ) وفريق آخر في ( تل عبد مار ) بحيث يصبح العدو تحت رحمة قوات الثوار – ولكن فوجئ سلطان في اليوم التالي بوجود العدو في التلين المذكورين إذ أن الثوار الموجودين في تل عبد مار قد غادروا التل في الليل ليتزودوا من بعض القرى المجاورة بالماء والطعام والذخيرة . وعند عودتهم مع طلوع الفجر واجههم العدو برصاص رشاشاته وقنابله اليدوية وحدثت معركة في تل الحبس تكبد فيها الطرفان الخسائر الكبيرة – وعلى أثر إجتماع ( عيون ) قرر سلطان مفاوضة الحكومة الأردنية لقبول بعض عائلات الجبل داخل حدودها وشكل وفدا ً برئاسة المجاهد يوسف العيسمي للذهاب إلى عمان فإستجابت الحكومة لمطلب سلطان وأشرف بنفسه على توصيل النساء والأطفال والماشية إلى واحة الأزرق وعهد أخيه زيد مع فريق من الفرسان الأشداء لحمايتهم وفي تلك الأثناء لم تتخل قوات الثوار عن واجبها في مجابهة العدو والإشتباك معه في معارك دامية وعنيفة – ولم يلبث أن تلقى سلطان أخبار الإتفاق السري الذي جرى توقيعه في القدس بين الإنكليز والفرنسيين وقد جاء فيه :

1 . على الدروز النازحين إلى شرق الأردن أن يختاروا بين العودة إلى الجبل أو العيش في مخيمات تقام لهم في فلسطين

2 . تشديد المراقبة على الدروز المسموح لهم بحمل السلاح

3 . تفرض على الشيخ اسماعيل الحريري الإقامة الجبرية في السلط

4 . يمنع سلطان والدكتور الشهبندر من دخول الأراضي الأردنية والفلسطينية

 وهنا تضاعفت متاعب الثوار لأن الجبل كان مهددا ً بالمجاعة بسبب تعطل الأعمال الزراعية وتعرض ثروته الحيوانية للنقصان الكبير وتماشيا ً مع هذه الظروف عمل سلطان على عقد إجتماع في قرية بوسان تقرر فيه : تقسيم تلك القوات إلى مجموعات ست ينتظم في كل منها أبناء المنطقة التي تعمل فيها : 1 . المقرن الجنوبي بقيادة علي الأطرش شقيق سلطان

2 . المقرن الشرقي بقيادة سليمان نصار

3 . شهبا بقيادة زيد عامر

4 . وادي اللوى بقيادة محمد عز الدين

5 . المقرن الغربي بقيادة فضل الله هنيدي

6 . بقيادة الأمير عادل أرسلان وقد تألفت من مجاهدي الإقليم ولبنان وأبناء الجبل

 تحرك الجنرال أندريا بجيشه الجرار نحو اللجاة وعند وصوله نجران حدثت معركة بينه وبين المجاهدين أنزلوا به الخسائر الكبيرة ثم تابع زحفه إلى قرية عريقه ثم عاد إلى نجران وتابع إلى السجن فوقعت معركة في موقع ( قلاع الجف ) إستشهد فيها البطل فضل الله هنيدي أحد أركان الثورة

 وعند قرية ريمة الفخور و بريكه حدثت معركة كبده الثوار الخسائر الفادحه وبلغت المعركة أشدها على هضبة شهبا , قدم خلالها المقرن الشمالي أعظم التضحيات – وقد كان لسقوط شهبا بيد الفرنسيين أثر كبير على مجرى الثورة لتعرض طرق المواصلات مع الغوطة لأخطار جسيمة

 وعند قيام سلطان بجولات إستطلاعية في المقرن الجنوبي بات ليلته في خربة ( الصوخر ) الواقعة بين بكا وأم الرمان – فجاءته ورقة من سلمان النجم قرية عرمان مكتوب فيها

0 ما نبي منكم جمايل 0

فأعطاها لأخيه زيد ليفك رموزها فقال له هي شطر من قصيده تكملتها

 قم نذير ٍ مانبي منكم جمايل *** الهرب يا تايهين الراي عنا

 فقال له سلطان هذا نذير والجيش قادم إلينا

 وفي الصباح الباكر وإذا بالعدو يكشف مواقع الثوار ويرسل لمهاجمتهم ويتبعها بنجدات كبيرة جاءت على أثرها من قريتي حوط وذيبين

 فدارت معركة ضارية دامت ساعتين وقد قتل جواد سلطان في المعركة وإضطر رفاقه وفي مقدمتهم صياح الأطرش أن يقوموا بهجمة صاعقة على الخيالة المتطوعة لإبعادهم عن سلطان وفي الوقت نفسه سارع أحدهم أليه بجواد آخر يمتطيه وإستأنف القتال معهم إلى أن تمكنوا من إجلائهم – ثم قضى سلطان ورفاقه ليلة 22 آب عام 1926 في قرية قيصما وإستيقضوا في الصباح على صيحات الرجال والنساء ( العسكر العسكر ) فخرجوا وتمركزوا في أماكن مشؤفة على السهول المجاورة للقرية ودارت معركة عنيفة أ ُسر فيها الضابط ( سيكر ) وغنم الثوار كميات كبيرة من الأسلحة وإنتهت المعركة بهزيمة العدو – ثم إقترح سليمان نصار على سلطان النزول في موقع ( الثمدي ) وجعله مقرا ً جديدا ً لقيادة الثورة .

وفي أواخر حزيران 1926 تشكل وفدا ً مؤلف من السادة :

الشهبندر – نسيب البكري – نزيه المؤيد – عقله القطامي - علي عبيد – يوسف العيسمي – حسن الأطرش – متعب وسلامه وعلي ومصطفى الأطرش – وعلي شقيق سلطان – لمقابلة فيصل الأول ملك العراق بلأزرق وتداولوا معه بشؤون سوريه عامة والثورة خاصة وقدموا له مذكرة تتضمن المطالب المنصوص عليها في الميثاق الوطني وأقرته هيئه أركان الثورة

1 . إعتراف الحكومة الفرنسية بإستقلال سوربا التام وتاليف حكومة وطنية

2 . تحويل الإنتداب إلى معاهدة تعقد بين فرنسا وسوريا المستقلة لمدة خمسة عشر سنة وهذه المعاهدة تسجل لدى جمعية الأمم وتضمن هذه تنفيذها

 

3 . تحقيق الوحدة السورية بما فيها لواء طرابلس الشام

4 . توحيد النظام القضائي على قاعدة السيادة القومية بصورة تضمن حقوق الوطنيين والأجانب معا ً

5 . دخول سوريا في جمعية الأمم

6 . تأليف جيش وطني خلال ثلاثة سنوات بحيث تتمكن القوات الفرنسيه من الجلاء التدريجي عن البلاد

7 . إصلاح نظام النقد وإعادة العملة على أساس الذهب

8 . العفو العام عن جميع أصحاب الجرائم السياسية بدون قيد أو شرط

9 . إلغاء الغرامات الحربية كلها

10 . التعويض على منكوبي الثورة

 وعلى أثر عودة الوفد المذكور عقد سلطان إجتماعا ً في أوائل تشرين الأول بقرية ( خازمه ) تقرر فيه تشكيل لجنة عليا لمعالجة مشاكل المجاهدين المستجدة – ثم عاد سلطان إلى ( الثمدي )

وزحف الجنرال أندريا على وادي اللوى في 24 أب 1926 وإنطلق جيش فرنسي آخر من دمشق ووقعت معركة بين الجيش الفرنسي والمجاهدين غربي قرية ( الصورة الكبيرة ) تكبد فيها الفرنسيون خسائر كبيرة

 ومن ثم في جوار قرية ( الصورة الصغيرة ) حدثت معركة ثانية وكان الثوار بقيادة محمد عز الدين وتكبد العدو خسائر كبيرة بلأرواح والعتاد

 أما شهداء المجاهدين فقد زادوا العشرين شهيدا ً بينهم البطل معذى المغوش

 ولم يقل عدد الجرحى فيها عن الثلاثين – ثم تابع الجنرال أندريا زحفه بإتجاه المقرن الشرقي حيث أسقط الثوار طائرة فرنسية حربية بجوار قرية ( طربا ) السبب الذي دعى إلى هدم دار جاد الله سلام الكبيرة الذي رفض الإستسلام – واصل العدو تقدمه فمر بقرى الكسيب وأم رواق والعجيلات وعند وادي الغيضه لقي مقاومة عنيفة وتكبد خسائر جسيمة – وواصل زحفه إلى قرية المشنف ثم قرية الشبكي حيث دارت معركة شرسة وإستبسل الثوار وإلتحم فريق من الفرسان بجناح العدو الأيسر ومزقوا فصائل جنده وجعلوها تتقهقر بإتجاه وادي قرية الرشيدي ودامت المعركة خمس ساعات وهي المعروفة بمعركة الرشيدي – تابع العدو طريقه ونصب خيامه في سفوح ( تل شعف ) والهضاب المجاورة ودارت مناوشات كان يقودها علي الأطرش شقيق سلطان – وفي أواخر تشرين الأول قرر سلطان أن يقوم بجولة في بعض القرى فوصل إلى قرية مياماس حيث قصفت القرية وإستشهد عدد من الثوار ثم إنتقل إلى الكفر وبات فيها ولكنه إستيقظ عند الفجر على صيحات النساء والرجال ( العسكر يطوق القرية من كل جانب ) فنشبت معركة ضارية دارت رحاها في السهل المجاور لقرية حبران ولكنها عُرفت بمعركة الكفر الثانية تكبد فيها العدو الخسائر – ثم تلقى سلطان خبر عودة الجيش الفرنسي إلى وادي اللوى حيث وصل بزحفه إلى قرية خلخله ولقي مقاومة عنيفة تراجع أمامها وعاد إلى مراكز إنطلاقه في شهبا – وقسما ً آخر من هذا الجيش توجه إلى قرية صميد فمني بهزيمة فادحة وخسائر بلأرواح والعتاد بلإضافة إلى طائرتين أسقطهما الثوار أثناء المعركة – وفي 8 تشرين الثاني عام 1926 وجه الجنرال أندريا حملة أخرى إلى تلك القرية المناضلة لإحتلالها ففشلت وتراجعت مخلفة ورائها كميات كبيرة من الذخيرة وعدد لا يقل عن خمسين قتيلا ً بينهم ضباط وصف ضباط ولكنهم ظلوا يواصلون هجماتهم حتى سقطت بأيديهم في مطلع نيسان 1927 ثم لم يلبث الدكتور الشهبندر وشكري القوتلي ونسيب البكري وغيرهم أن غادروا الجبل إلى الأردن ليواصلوا نشاطهم السياسي هناك – ثم نقل سلطان مقر قيادته إلى ( نبع الحفنة ) على بعد خمسة عشر كيلومترا ً شرقي الرشيدي

 وفي 3 كانون الثاني عام 1927 جرت معركة

 بوزريق التي بدأت بإشتباك عنيف في قرية ( تل اللوز )

إستشهد فيها عدد كبير من المجاهدين . ثم حاول العدو إقتحام قرية طليلين فتصدى له فريق من الثوار

 بقيادة محمود كيوان وتلا ذلك هجوما ً معاكس على تل اللوز قامت به خيالة علي الأطرش وأخيرا ً دارت

 المعركة الفاصلة في بوزريق فدافع الثوار دفاعا ً مستميت وكبدوه خسائر فادحة ثم إنسحب أكثرهم إلى قرية ساله

 وعاد سلطان لمقر الثورة في ( الحفنة ) - ثم أناطت القيادة الفرنسية بالجنرال ( فالييه ) مهمة تطويق

 المجاهدين وإبادتهم في معاقلهم الأخيرة وقسم الجيش الفرنسي إلى خمسة فرق تتألف بمجموعها من

 إثني عشر ألف جندي ودافع الأبطال الأشاوس بقيادة محمد عز الدين عن كل شبر من مواقعهم بين

 صخور اللجاة السمراء دفاع الأبطال وكان عددهم نحو أربعمائة مجاهد وإستمرت المعارك إثني عشر

 يوما ً ثم حدثت معركة الشوكتليه وعين الشعرة وجباثا الخشب ثم حدثت معارك الغوطة وبعد أن إزدادت

 أوضاع المجاهدين سوءا ً في الجبل وخارجه كان لزاما ً على سلطان أن يجعل من واحة الأزرق

 مقرا ً جديدا ً لقيادة الثورة وملجأ أمينا ً للمجاهدين والنساء والأطفال والمواشي - وأعاد سلطان تشكيل

 صفوف الثوار فشكل مجموعات صغيرة مقاتلة تغير كل منها على مراكز الجند الفرنسي المنتشرة في أنحاء

 الجبل وقاد عددا ً من هذه المجموعات بنفسه في أوائل حزيران 1927 ووصل بها إلى قرية المغيير

 وأنزل بالعدو الخسائر الفادحة وفي ظل هذه الظروف حضرت إلى الأزرق اللجنة الإنكليزية الفرنسية

 وعرضت على سلطان المقررات التالية :

1- من أراد العودة من الثوار إلى الجبل ينقل مع أفراد أسرته على نفقة اللجنة

2 - من أراد البقاء منهم في الأردن عليه أن ينقل إلى عمان أو القرى المجاورة لها

3 - من يصر منهم على متابعة الثورة عليه أن يغادر الأردن خلال مده لا تتجاوز أربعة عشر يوما ً

 ولتنفيذ هذه الشروط إستخدم الإنكليز قوة كبيرة مؤلفة من أربعة آلاف جندي تساندها الآليات المدرعه

 والطائرات لتطويق المجاهدين وعائلاتهم في منطقة الأزرق - فسارع سلطان بكتابة رسالة إلى المعتمد

 البريطاني في عمان قال له فيها : إننا لم ندخل الأزرق بالقوة وإنما بعد موافقة الحكومة الأردنية

 فإن كنتم مصرون على ترحيلنا فإعطونا مهلة كافية نتمكن خلالها من إتمام عملية نقل نساءنا وأطفالنا

 ومواشينا إلى مكان آخر مناسب وطلب مقابلة سلطان وحاول إقناعه بضرورة إنهاء الثورة والتسليم

 للأمر الواقع وعرض عليه بقوله :

إن حكومة صاحب الجلالة البريطانية تتكفل تقديم قصر خاص بإقامتكم في مدينة القدس

 وراتب كبير يضمن لكم العيش الهنيء - فأجابه سلطان قائلا ً :

إن سعادتنا بإستقلال بلادنا وحرية شعبنا ولو كان العيش في القصور غايتنا لكنا بقينا في دورنا

 الرحبة وإستجبنا لدعوة الفرنسيين بالإستسلام , إن طلبكم هذا فيه مساس بكرامتنا فلا نرضى أن

 تكون المفاوضه معكم أو مع حلفائكم الفرنسيين إلا على أساس صلح مشرّف تتحقق به المباديء

 التي قامت ثورتنا عليها ومن أجلها وتتلخص بحرية الشعب وإستقلال بلاده ووحدتها وجلاء القوات

 الاجنبية عنها . ... وفي أعقاب هذه المقابلة إتصل سلطان ببعض الشخصيات العربية في القدس

 والقاهرة وتم الإتفاق معهم على إنتداب السيد شكري القوتلي للذهاب في الحال إلى المملكة العربية

 السعودية من أجل التفاوض مع جلالة الملك عبد العزيز آل سعود لقبولهم في بلاده لاجئين سياسيين

 فإعتذر الملك في باديء الأمر لكنه عاد فأعلن موافقته وأرسل إلى سلطان برقية جاء فيها :

قائد الثورة السورية سلطان الأطرش أقبلوا على الرحب والسعة , عبد العزيز

 سارت قوافل المجاهدين مؤلفة من نحو ألف نسمة بإتجاه العمري في صيف 1927 بعد وداعهم

 الأليم لذويهم ورفاقهم في الجهاد الذين قرروا العودة إلى الجبل إثر صدور قرر المفوض السامي

( بونسو ) بالعفو عنهم وعددهم نحو ثلاثة آلاف نسمة - مكث سلطان ورفاقه في العمري فترة قصيرة

 ثم إنتقلوا إلى غدير ( الحصيدات ) حيث باتوا ليلة واحدة , وفي اليوم التالي توجهوا إلى النبك

( وادي السرحان ) في أواخر شهر تموز عام 1927 وهي أرض صحراوية مقفرة ما خلا نبع

 ماء عذب يسمى ( جوخه ) وبضع من أشجار النخيل فنزل سلطان في الجهة الشرقية من المكان

 وجاوره أقاربه , ونزل في الجهة الغربية الأمير عادل أرسلان - علي عبيد - محمد عز الدين -

قاسم أبو خير - علي الملحم - والمسافة الفاصلة بين الحيين لاتزيد عن ثلاثمائة متر

 وآووا أنفسهم في الخيام القليلة التي كانت بحوزتهم فكانوا يعانون من رياح السموم الهوجاء

 التي تهب عادة من الشرق والجنوب الشرقي فتبدل معالم الأرض وتغدوا الرؤية خلالها صعبة

 وكذلك التنفس بفعل الأتربة والرمال المتطايرة في الفضاء فكانت تكتسح الخيام وتسد منافذ

 البيوت وإستطاع البعض أن يحفر الأرض بضعة أمتار ليستخرج منها الماء لإرواء الخيول

 والماشية - وإحتطبوا من نباتات ( الرتم ) لمواجهة برد الليالي وكانوا يقتاتون بورق ( القطف )

وثمرة ( الإمصع ) عندما يضعف المدد ويتأخر التموين - وأما لبن المواشي فكان غذاء الأطفال

 وبعد مضي حوالي ستة شهور في وادي السرحان ومعاملة ممثلي السلطة السعودية وبعض

 عشائر المنطقة معاملة طيبة وحفاوة إستقبال وكرم أخلاق قدم إلى سلطان الامير سليمان الشنيفي

 مندوبا ً عن العاهل السعودي فرحب به ثم فاجأسلطان بقوله : أمرنا جلالة الملك بجمع السلاح

 منكم يا سلطان والمهلة التي نعطيكم إياها لجمعه وتسليمه ثلاثة أيام .

فأجابه سلطان قائلا ً : سلاحنا شرفنا أيها الأمير فهل من المعقول أن نسلم به ونحن نعيش

 مع عيالنا هذه الظروف القاسية والأحوال السيئة في هذه الأرض الموحشة والمنقطعة .

فقال الأمير : إنني مأمور بتنفيذ هذه المهمة يا سلطان مهما كانت الظروف والأحوال .

وعندئذ قال له سلطان بحزم : لن نسلم سلاحنا ما دام فينا عرق ينبض لقد كنا نتوقع من جلالة

 الملك أن يمدنا بالسلاح والمال والعتاد لنعود إلى بلادنا ونستأنف الجهاد ضد الفرنسيين لا ان

 يأمر بتجريدنا من السلاح ليميت في نفوسنا النخوة ويضعف روح الكفاح ثم رفع الأمير سليمان

 أمرنا إلى رؤسائه وجاءت التعليمات التاليه :

1 - يحتفظ المجاهدون بسلاحهم ويحق لهم نقله ضمن المنطقة دون معارضة

2 - تتعهد قيادة الثورة بعدم القيام بأي نشاط يخل بالأمن أو يخالف النظام والقانون في المملكة

 ثم جاءت بعد فترة التعليمات وإصرار السلطات السعودية على ترحيل المجاهدين من مكان تجمعهم

 في النبك وتوزيعهم في المناطق الداخلية للمملكة , وفي الوقت الذي كان لبعض الشخصيات العربية

 مساع ٍ مشكورة مع العاهل السعودي لنيل موافقته على بقاء المجاهدين في النبك

 كانت هناك مساع ٍ أخرى مع المندوب السامي البريطاني لقبول لجوء المجاهدين من جديد

 إلى شرق الأردن وفي مقدمتهم سمو الأمير عبد الله بن الحسين نفسه وما أن تم ذلك بالفعل

 في غضون عام 1932 حتى شكر سلطان المعتمد السعودي في المنطقة عبد الله الحواسي

 وشكر عن طريقه جلالة الملك عبد العزيز آل سعود وحكومته وشعبه

 

 ثم توزع الثوار إثر دخولهم الأراضي الأردنية في المدن والقرى التالية : الكرك - السلط - الحمّر – الأزرق – الزرقاء – عمان

 وأقام سلطان في الكرك – ثم صدر قرار عفو عنهم في 17 نيسان 1937 – وفي صباح يوم الأربعاء 19 أيار 1937 الساعة السابعة والنصف تحرك القطار وعلى متنه سلطان ورفاقه من عمان بإتجاه الشمال حتى وصل إلى محطة درعا وإستقبلته الجماهير الغفيرة وتناولوا طعام الغداء على مائدة رئيس البلدية الشيخ مفلح المحاميد ثم وصلوا إلى دمشق الساعة الخامسة من بعد الظهر فكان إستقباله في العاصمة الأموية منقطع النظير ثم نزلوا في فندق الشرق بضيافة الحكومة – وفي صبيحة اليوم التالي 21 منه قام سلطان ورفاقه بأداء صلاة الجمعة في جامع بني أمية صحبه فخامة رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي وأركان الدولة وأعيان المدينة – وفي 23 منه غادر سلطان ورفاقه إلى مدينة السويداء فإستقبله الأهالي بحرارة وكانت أصوات هتافاتهم وأهازيجهم الحربية المعهودة تملأ الأجواء – وفي يوم الإثنين 24 منه إستقبله الأهالي في قرية رساس ثم وصل إلى بلدته القريا بعد فراق طويل دام عشرة سنوات وبدأت مرحلة النضال السياسي حتى نالت البلاد إستقلالها – وعاد سلطان إلى داره وأرضه يعمل فلاحا ً متواضعا ً هو وبقية المجاهدين الأبطال رفاق الدرب والسلاح

 وسنأتي مباشرة على مرحلة الدكتاتور أديب الشيشكلي – ففي اليوم التاسع من شهر تموز 1953 تقدم السيد أديب الشيشكلي من سراي الحكومة وقدم طلبا ً للترشح إلى رئاسة الجمهورية وكان اليوم العاشر موعد الإقتراع والإستفتاء المزعوم وعندما أنهى الشيشكلي مهزلته وتربع على كرسي الجمهورية أوجد مجلس نيابي هزلي تمثيلي يحقق رغائبه – فرد الشعب يوم الإستفتاء ردا ً صريحا ً وقاطع في المدن وكثير من القرى هذه العملية الكاذبة – وفي هذه الأثناء زار سلطان باشا الأطرش السويداء ونزل ضيفا ً على المجاهد حسين مرشد رضوان أحد أعضاء المؤتمر السوري وحضر أعيان السويداء والقرى المجاورة للمداولة مع سلطان بشؤون الساعة ثم عقد إجتماعين أحدهما في منزل السيد مزيد مزهر والثاني في منزل السيد حسن أبو الفضل وإنتخب الحضور لجنة لتقوم بللازم ثم غادر سلطان وزار قرى القضاء الجنوبي وبعد مكثه سبعة أيام حيث قررت الجماهير مقاطعة الإنتخابات – وبعد حوادث الطلاب في حلب – دمشق – درعا –وبعد الموقف الحازم والصارم التي إتخذته المعارضة بعد مؤتمر حمص ودعمه بقيادة سلطان الأطرش القائد العام لجيوش الثورة السورية الكبرى تحقق الشيشكلي بنهاية مصيره وزوال عهده – ولكنه تسلح بالأمل ففي صبيحة يوم الأربعاء الواقع في 27 / 1 / 1954 كانت السلطة إعتقلت زعماء سوريا المعارضين وأعلنت حالة الطوارئ في خمس محافظات سوريا – لأن بنظره أن سوريا

 

( حيّة رأسها جبل العرب – وبطنها حلب – وذيلها حمص – يجب القضاء عليها )

ثم أصدرت الأوامر من دمشق إلى اللواء السادس المرابط في أزرع بالزحف على الجبل ويقوم بتطويق القريا وكان يقدر بنحو خمسة عشر ألف جندي ومعه أيضا ً الفوج السابع من قطنا وأفواج المشاة من دمشق – فدخل السويداء وتابع إلى القريا وبعد أن تم تطويقها من جهاتها الأربع تحت جنح الظلام وفي الفجر عندما تخرج الأهالي إلى أعمالهم الزراعية تستلمهم السلطة المرابطة وتشد وثاقهم وكانت قد خصصت حقل واسع في جوار البلدة مطاف بالماء ويجبر المواطن على الركوع في وسط الحقل وكل هذا لتقليل نشاط الأهلين ليتسنى لهم القبض على سلطان والقضاء عليه

دامت حركة الإعتقالات ساعة أسر خلالها لا يقل عن مائة وخمسون رجلا ً من فلاحي البلدة , وصادف خروج السيد جادالله شلهوب المجاهد البطل الملقب بالفارس الملثم من بيته وعند وصوله إلى الحقل ( المعتقل ) أضرم بقلوب الشباب النخوة فإنقلبوا على الفرقة المرابطة حولهم وشتتوهم وعندما بدات المناوشة وعندما غادر سلطان بيته لمواجهة العقيد الأسود إصطدم رجال سلطان مع الفرقة الشمالية حيث إستشهد الأخوين حسيب وملحم الغريزي والشهيد صالح العوام فثارت ثائرة الأهلون وهاجموا الفرقة وأرغموها على الفرار وإستأسروا ثلاثة جنود مع مدفعين رشاشة وثلاثة صناديق خرطوش وبعد شخوصهم في مضافة سلطان أرسلهم مع مدير الناحية إلى المركز الرئيسي لقيادة الجيش مع سلاحهم وصرح قائلا ً

(( رصاصنا بقلوبنا ورصاصهم بقلوبنا ))

فكلف سلطان وفدا ً من مدير الناحية وشيوخ الدين وكلفهم بإبلاغ العقيد الأسود بأن أبناء الجبل الذين ضحوا بآلاف الشهداء من أبنائهم قربانا ً لإستقلال بلادهم لا ينووا على مجابهة أولادهم وفلذات أكبادهم ولن يهدموا ما بنوه , كما أنهم لم يتعودوا ان يناموا على الضيم وأخشى من كثرة الإحتكاك معهم على ما لا يحمد عقباه , كما أن أبناء الجبل يدركون تماما ً بأن الجيش هو جيشهم وهو القوة التي يعدها الوطن لمجابهة العدو الرابض على الحدود

 ولكن جاء أمر من الدكتاتور الشيشكلي إلى الأسود بوجوب دخول القريا وإستلام سلطان ولو كلفه هذا أبهض الأثمان

 وهنا أتت القرى المجاورة لفك الحصار عن سلطان ولكن لم يقم الأهلون بمقابلة الجيش لسببين : الأول عدم إتصالهم مباشرة مع سلطان باشا والعمل برأيه السديد

 الثاني لكثرة الوعود التي بذلتها الواسطه لهم وأقنعتهم بأن الأمر انتهى لصالح سلطان وعند إنسحاب الطرفين وفي أرض نمرة القريا إعترض مزيد الأطرش سيارات الجيش بعد سماعه أنه تم إعتقال سلطان باشا وأطلق رصاصه عليها فاغتنم الرئيس فيصل الشيشكلي والمقدم فيصل الحسني هذه الفرصة ووجه مدافع الجيش ومصفحاته على الأهلين الباقين في نمرة وجرت معركة استشهد فيها سلمان حمد الأطرش الملقب (دبابة الجبل)والشيخ محسن قرقوط وعدد من المجاهدين وكانت الجبهة لا تقل أبعادهاعن ثلاثة كيلو مترات .

وقد وقفت أبناء قرية حبران موقفاً مشرفاَ ويعود لهم الفضل الأول بفك الطوق من الجهة الشرقية من البلاد إذ إخترقوه وانقذوا حياة القائد سلطان باشا الأطرش وعند إنسحاب المجاهدين من نمره وضعوا الجرحى في منزل حمد الصفدي وبيت شقيقه ,وكان عددهم خمسة عشر شخصاَ فدخل عليهم المقدم فيصل الحسيني وبحضور الرئيس فيصل الشيشكلي وأطلق عليهم الرصاص الوحد تلو الأخر _ثم تابع الجيش الذي كان مرابطاَ شمال القريا إلى السويداء وألقى المجاهدون القبض على خمسة وسبعين دركيا مع سلاحهم وعتادهم وخمس سيارات كبيرة من مخلفات الجيش فأكرمهم سلطان وقدم لهم الطعام والشراب وبقو يومين تم سلمهم وإلتحقوا إلى مقر خدمتهم مع سلاحهم وسياراتهم .

وعندما وصل الجيش إلى السويداء حدثت مجازر كبيرة منها مجزرة آل سرايا وآل جربوع وآل أبو عسلي ورضوان ,ثم حضر سلطان إلى الكفر مغادرتها زحفت صباح الأحد 4

شباط قوتان كبيرتان من الجيش وأشتبك معها الأهلون في الضاحية الشرقية الجنوبية من الكفر إبتدأت المعركة حوالي الساعة صباحاَ وإنتهت الساعة السابعة مساءً حيث حضّر كتاباً من سلطان الأطرش يطلب من أنصاره الكف عن القتال والإلتحاق به في قرية تل اللوز ثم انتقل سلطان من تل اللوز إلى الرشيدة ثم إلى اسعنا ثم عاد إلى قرية الرشيدة وحرصاً على سلامة البلاد من المجازر الأهليه طلب المسير من الرشيدة إلى جهة الصحراء وفب 10/ 2/ 1954 وفي تمام الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ترك سلطان الرشيدة متوجهاً شرقاً إلى خربة (القسطل) وكانت الأرض مكسوة بالثلج ثم أم الطريق جنوباً نحو مسالك البادية الوعرة القفراء الصعبة المسالك كثيرة الأودية والمنعطفات ودام ذلك مدة إثني عشر ساعة لم يذق أحدهم طعاماً ولا شراباً حتى إستضافهم فريق من البدو وباتوا ليلتهم ومكثوا يومين ثم تابعوا المسير والمبيت في الكهوف أو مضارب البدو يتوسدون البطحاء ويلتحفون السماء , ودفئهم ونورهم هو نار الشيح الذي كانوا يجمعوه تحت زخات المطر – وفي مساء نهار 14 / 2 / 1954 وصلت إلى (الحباء) قوة أردنية بقيادة رئيس قوات البادية والميجور ( مبرد) ومهمتها الإستطلاع عن كيفية وصول سلطان ورفاقه الأراضي الأردنية دون السماح لهم بذلك وبعد المواجهة التي جرت بين سلطان وقادة القوة الأردنية طلبت من سلطان كتابا ً لطلب الحماية ( كتابة طلب حماية ) ظنا ً منهم بأنهم نالوا أمنيتهم بوجوب التدخل بشؤون سوريا السياسية ولكن طلبهم لم يلقى عند قائد الثورة سلطان أذنا ً صاغية ورفض طلبهم رفضا ً باتا ً – وبعد مغادرة سلطان الأردن عقد مجلس الوزراء الأردني إجتماعا ً برئاسة الأستاذ فوزي الملقي

 فتقدم معالي سليمان باشا طوقان وزير البلاط الملكي بإقتراح مفاده أن الجبل الذي قاوم الإستعمار سنين عديدة وضحى لأجل سيادة الوطن وإستقلاله بأعز ما لديه وساند الثورة العربية بقيادة الشريف حسين , يستبعد أن تصح بأبناءه الضنون الغير وطنية وتهم الخيانة – فرفعت الجلسة إلى جلالة الملك حسين عاهل المملكة الأردنية الهاشمية وقد تكرم بتتطير برقية إلى مخفر ( الحفيف ) لإيصالها إلى سلطان الأطرش طالبا ً منه العودة إلى المملكة بدعوة خاصة من جلالته – فعاد سلطان مع ثمانية وثلاثون شخصا ً بصحبته إلى ( الحفيف ) وبعد سقوط الشيشكلي ومغادرته البلاد وبرجوع رئاسة الجمهورية إلى هاشم الأتاسي توجه وفد من زعماء سوريا إلى عمان داعيا ً سلطان ورفاقه للعودة إلى الوطن , فعادوا المجاهدون من عمان في السابع من شهر آذار 1954 مشيعين بالإحترام من ملك الأردن فأقيمت لهم إستقبالات حافلة في قرى الجبل كافة وفي القريا حيث أخذت الوفود تأمها من كل حدب ٍ وصوب ليعود سلطان باشا الاطرش الرجل الفلاح العادي الذي يعمل في أرضه وفي أيام الوحد بين سوريا ومصر زاره الرئيس جمال عبد الناصر في داره بالقريا وإلتقى معه بأهالي الجبل في سراي الحكومة

إلا أنه توفي القائد العام للثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش في نهار الجمعة 26 آذار 1982 وفي صباح يوم الأحد 28 منه أقيم له في الملعب البلدي في السويداء حفل تأبيني ضم أكثر من مليون شخص يضمم قادة ورؤساء دول وشخصيات سياسية وعسكرية وشعبية , وفي الساعة التاسعة حطت في الملعب طائرة هيلوكوبتر ناقلة جثمان الفقيد ومنها رفع على عربة مدفع تتقدمها فرقة المراسم إلى أن ووري الثرى في بلدته القريا رحمه الله

 من مآثره

 عندما زارته إحدى الصحفيات الأجنبيه في داره بالقريا طلبت منه أن يلبس لباس الحرب لتأخذ له بعض الصور , فرفض وقال لها نحن إن لبسنا لباس الحرب لا نتوقف إلا على أرض فلسطين المغتصبة

 وأيضا ً عندما زارته مجموعة من الشخصيات العسكرية والقيادية ومعهم بعض الأجانب فلم يجدوه في داره وقالوا لهم أنه في بستانه وأرضه وعندما دخلوا على البستان سأل أحدهم رجلا ً جالسا ً على الأرض السمراء أين أجد الباشا سلطان فقال له أنا سلطان فتعجب السائل لأنه توقع أن يراه جالسا ً ومن حوله الخدم والحشم – فقال لهم إجلسوا ولا تواخذونا فصار كل واحد مهنم يسحب منديله من جيبه ويضعه ليجلس عليه – فقال لهم – يا أبنائي لا تجعلوا فاصلا ً بينكم وبين أرضكم هذه الأرض هي مقدسة لأنها جبلت بدم أهلكم وأجدادكم

 وعندما زار الجامعة في دمشق طلب منه طلاب الجامعة إلقاء كلمة عليهم فقال مخاطبا ً لهم

 أبنائي عندما كانت البلاد محتلة من قبل الإحتلال العثماني و مستعمرة من قبل الإستعمار الفرنسي دعانا واجب الجهاد للدفاع عن بلادنا وكرامتنا وحريتنا حتى نلنا الإستقلال وأطلقنا شعار الدين لله والوطن للجميع

 واليوم فإن عليكم واجب الجهاد الأكبر وهو المحافظة على هذا الإستقلال نسأل الله العلي القدير أن يحفظكم ويحفظ البلاد عزيزة أبية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 إعداد وتوثيق : بشار سمير أبو حمدان

 

 المراجع : مذكرات سلطان باشا الأطرش

 بنو معروف في التاريخ

 وثائق ومقابلات شخصيه

 

صوره نادره وغير معروف تاريخها لمدينه السويداء . تظهر فيها بركه الماء تم ردمها وهي مركز الكراجات القديم والسهل الكبير من شرق بركه الماء ساحه السير ومكان السرايا حالياً

 


وقع اختيار أهالي مدينة السويداء على أحد أفراد أسرة علم الدين المشهورة بالشجاعة وقوة الشكيمة ليكون حاملا لبيرق
السويداء وهو البيرق الأول في الجبل وتوارث آل علم الدين هذا الشرف الرفيع منذ عشرات السنين وحافظوا عليه بدمائهم وأرواحهم.‏

ففي الثالث من آب عام 1925 كان مجاهدوا السويداء يستحثون الخطا إلى ميدان المعركة في المزرعة لوقف زحف الجيش الفرنسي
إلى السويداء وكان البيرق يخفق فوق رؤوسهم وحامله سليمان علم الدين وأخوته الثلاثة وأثناء المعركة أدرك قائد إحدى الفصائل
العدوة أن المعركة تستعر من الذي يحمل البيرق ورفاقه الذي يحيطون به فصوب رصاص مدفعه الرشاش إلى حامل البيرق فأصابت
رصاصاته سليمان علم الدين ومع دفقة روحه الأخيرة صاح بأخيه خليل: البيرق يا خليل !! فتقدم الأخير وحمل البيرق وهو يهتف لعي...........
يا بيرق العلا وسار خطوات إلى الأمام رافعا البيرق ولكنه أصيب بطلقة في صدره وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة حمل البيرق أخوه حسين
فأصيب كذلك بشظية قنبلة أردته قتيلا, فحمله بعده أخوه أسعد وهو يهتف لبيك يا بيرق الكرامة وتابع هجومه ولكنه أصيب برصاصة من
مدفع رشاش فاستشهد مثل أخوته الثلاثة, ليحمل البيرق من بعدهم ابن